تتسع دائرة تأثير الحرب على قطاع غزة لتطال أسعار النفط. والذي ارتفعت أسعاره لتصل إلى 92 دولاراً للبرميل. وهو ما يهدد الانتعاش الاقتصادي العالمي الهش. وارتفاع أسعار النفط سيعيد سياسات مكافحة التضخم للمربع الأول. ما يعني أن العالم أجمع سيدفع تكاليف هذه الحرب.
على الرغم من أن الفلسطينيين يعدون الضحية الأولى والأهم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. إلا أن الاقتصاد العالمي سيكون في مرمى هذه الحرب. وذلك من بوابة النفط. فحتى الآن لم تتأثر الإمدادات العالمية الرئيسة بالحرب. لكن تطور الأحداث يفتح الباب أمام احتمالات واسعة.
أما فيما يتعلق بتأثير الحرب المباشر على إمدادات النفط فهو تأثير متواضع. كون إسرائيل لا تمتلك احتياطات مهمة. لكن الأثر الأكبر يأتي من التأثير غير المباشر. ففي حال توسع الصراع إلى جنوب لبنان من المرجح عندها أن تدخل إيران الحرب. ما يعني صداماً أمريكياً إيرانياً في الخليج العربي. وبالتالي تعطل إمدادات النفط من الخليج العربي.
بالطبع إن توقف إمدادات النفط من الخليج العربي قد يرفع أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل. ما يعني تراجع النمو الاقتصادي العالمي بنسبة 1.7%. ما يعادل خسارة تريليون دولار من الناتج الإجمالي العالمي.
على مستوى الغاز هو الآخر سيتأثر بالحرب. ففي الولايات المتحدة تجاوز سعر المليون وحدة حرارية بريطانية حاجز 3.4 دولار. وفي أوروبا ارتفعت أسعار الغاز المستقبلية من 30 إلى 54 يورو لكل ميجاوات ساعي.
في حالة وقف تدفق الغاز من خزان تمار. ثاني أكبر خزان في إسرائيل. بسبب قرب الخزان من ساحل غزة. سوف يؤدي ذلك إلى رفع أسعار الغاز. وقد قامت تمار بشكل استباقي بإيقاف تدفق الغاز إلى مصر عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط. ومن المتوقع أن يتأثر تصدير مصر للغاز الطبيعي إلى أوروبا ودول أخرى.
في الحقيقة يؤثر ارتفاع سعر النفط بشكل مباشر على ارتفاع معدل التضخم. فأسعار حوامل الطاقة تشكل 7.3% من الرقم القياسي لأسعار المستهلك حتى ديسمبر 2021. بما في ذلك وزن المؤشر بنحو 4% لسلع الطاقة. إضافةً لكون النفط يدخل في العديد من الصناعات. فارتفاع سعره سيرفع أسعار غالبية السلع. إضافةً لارتفاع تكاليف النقل وتأثر سلاسل التوريد.
كقاعدة عامة: كل زيادة قدرها 10 دولارات للبرميل في سعر النفط الخام تزيد التضخم بنسبة 0.2%. وتعوق النمو الاقتصادي بنسبة 0.1%. أما إذا ارتفعت أسعار النفط الخام إلى 100 دولار للبرميل لمدة ثلاثة أشهر. فإن الارتفاع سيعزز معدل التضخم السنوي بمقدار 3 نقاط مئوية على المدى القصير.
السيناريو الأول وهو السيناريو الأكثر تفاؤلاً. هو حرب محدودة ومحلية. تتركز في قطاع غزة. وقد يشمل ذلك غزواً برياً للجيش الإسرائيلي لقطاع غزة. إلى جانب الأعمال العسكرية على الحدود اللبنانية. وفي هذا السيناريو من المتوقع أن تخفض إيران الإنتاج لزيادة الضغط العالمي على إسرائيل.
ومن شأن مثل هذا السيناريو أن يؤدي إلى ارتفاع سعر برميل النفط بمقدار 4 دولارات. وعدم حدوث تغيير في مؤشر الخوف المستقبلي. مع زيادة التضخم العالمي بنسبة 0.1%. وانخفاض مماثل في النمو الاقتصادي.
أما السيناريو الثاني فهو حرب غير مباشرة بين إسرائيل وإيران. تنطوي على حرب واسعة النطاق على جبهات متعددة داخل حدود إسرائيل وغزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان. وفي هذا السيناريو من المتوقع أن يرتفع برميل النفط بمقدار 8 دولارات. وسيرتفع التضخم بنسبة 0.2%. وينخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.3%.
السيناريو الأكثر خطورةً هو نشوب حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران. وقد ينطوي مثل هذا السيناريو أيضاً على حرب إقليمية شاملة. بمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة. يهدد هذا السيناريو بزعزعة استقرار أسعار الطاقة العالمية.
في هذا السيناريو من المتوقع أن تغلق إيران مضيق هرمز. الذي ينقل عبره ما يقرب من 20% من إنتاج النفط العالمي اليومي. وهو ما قد يرفع أسعار الطاقة إلى 150 دولاراً للبرميل. ويرتفع التضخم بنسبة 1.2%. وينخفض الناتج العالمي بنسبة 1%. وقد يندفع العالم نحو حرب عالمية ثالثة.
في النهاية خلاصة الأمر أن أسعار النفط سوف تظل حساسة للغاية للأحداث في إسرائيل وغزة. وكيفية استجابة الدول الأخرى في الشرق الأوسط للأزمة. ونظراً لانتشار الدول الرئيسة المنتجة للنفط في المنطقة على التجار أن يكونوا في حالة تأهب قصوى تحسباً لأي علامات تصعيد.