مضى شهران على التحرير، والوضع المعيشي للسوريين لم يشهد أيّ انفراجات تُذْكَر أو تُلاحَظ، واقع المخيمات كما هو، الاحتياجات اليومية الأساسية غير مُتوفِّرة للجميع. توجد معاناة يومية في ظل واقع اقتصادي صَعْب، مع مشكلات عديدة تتطلب حلولاً إسعافية عاجلة، وبالتأكيد الاستقرار الاقتصادي لا يقلّ أهميّة عن الاستقرار الأمني، وتأخير الحلول قد يُفاقِم الأزمات.
انتظار الدعم الخارجي في مُعالَجة هذه المشكلات ليس حلّاً، خاصةً أنه يعتمد أساسًا على تفاهمات سياسية مُعقَّدة تتطلب وقتًا، لذا فدَوْر الحكومة هو أن تعمل على إيجاد حلول فورية لمعالجة الوضع، بعيدًا عن الوعود الدولية التي قد لا تتحقَّق في الوقت القريب.
في الوقت ذاته تُواجه الحكومة السورية ضغطًا اقتصاديًّا كبيرًا، فلا تملك موارد كافية لدعم الموادّ الأساسية أو تمويل مشاريع تنموية. بالإضافة إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية يزيدان من تعقيد الأزمة، ومع ذلك، لا بد من إجراءات سريعة وفعَّالة للتخفيف من معاناة الشارع وإنعاش الاقتصاد المحلي في ظلّ هذه الظروف.
التحديات كبيرة، لكن يمكن التحرُّك بالموارد المتاحة على قلّتها، لذا يجب العمل على إطلاق خطة اقتصادية إسعافية مُعلَنة، تُوضّح نَهْج الحكومة في التعامل مع الواقع ومع التحديات المختلفة؛ فالوضوح والشفافية تَضْمن تعاون الجميع؛ أفرادًا ومؤسسات.
تحسُّن الليرة السورية لم ينعكس إيجاباً على السوريين، بل أثَّر سلبًا على حسابات الإنتاج والأجور؛ حيث ارتفعت التكاليف التشغيلية، ما أجبَر بعض الشركات على إيقاف أنشطتها.
ولذا فإنّ تحقيق استقرار اقتصادي حقيقي يتطلَّب معالجة تذبذب سعر الصرف؛ لأنّ أيّ تحسُّن في قيمة الليرة غير مدعوم بنموّ اقتصاديّ ستكون سلبياته أكثر من إيجابياته.
إعادة تنشيط الزراعة والصناعة تُعتَبر من الأولويات، لكنّها تُواجه عقبة رئيسة، وهي نقص الطاقة؛ فارتفاع تكاليف الوقود وانقطاع التيار الكهربائي المُتكرِّر جعَل الإنتاج الزراعي والصناعي أكثر كلفةً وأقل استدامةً، ما أدَّى إلى توقُّف العديد من المشاريع.
من الحلول الممكنة لمشكلة الطاقة: تشجيع الاستثمار في الطاقة البديلة، وذلك عبر تقديم إعفاءات جمركية وضريبية كاملة على مستلزمات الألواح الشمسية. هذه الخطوة ستساعد في تخفيض تكاليف الإنتاج، وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد، مما يُسهم في تحقيق استقرار أكبر للقطاعَيْن الزراعي والصناعي.
إضافةً إلى ذلك؛ فإنّ تسهيل الحصول على القروض الإنتاجية يُعدُّ عاملًا مُهمًّا في تخفيف الأزمة؛ خاصةً أن البنوك الخاصة تمتلك مرونة مالية أكبر من البنوك الحكومية، وهنا يمكن توجيهها لمَنْح قروض مُيسَّرة لدعم المشاريع الإنتاجية؛ فالتمويل السريع والفعَّال يمكن أن يُساعد الشركات في مواجهة تحديات التشغيل، ويُحفِّز إعادة الاستثمار في القطاعات الحيوية، مما يُسهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة.