مشاركة

تَقترب الولايات المتحدة والهند من مرحلة حاسمة في مفاوضات التجارة، مع وعود بتخفيض الرسوم الجمركية وتسوية بعض القضايا المتعلقة بالنفط الروسي. يبدو أن العلاقات المتوترة بدأت تتَّجه نحو الاستقرار، في ظل مؤشرات إيجابية بين واشنطن ونيودلهي، مع احتمال زيارة ترامب للهند في 2026.

جوهر الاتفاق المرتقب يكمن فيما يمكن تسميته بـ”معادلة النفط مقابل السوق”. الهند، التي بدأت بالفعل تقليص اعتمادها على النفط الروسي، تبحث عن تخفيف الرسوم الجمركية لتعزيز صادراتها وفتح أسواق جديدة، بينما الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز مصالحها التجارية، خصوصًا في الطاقة والمنتجات الزراعية والصناعية.

هذه الخطوة قد تكون أكثر من مجرد صفقة تجارية؛ فهي جزء من لعبة إستراتيجية أوسع. تخضع الهند لضغوط لتحقيق التوازن بين شراكتها التاريخية مع روسيا وضرورة الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة في مواجهة صعود الصين. الاتفاقية المُحتمَلة قد تَمْنح واشنطن موطئ قدم أقوى في آسيا، بينما تُوفّر لنيودلهي فرصة لتأمين إمدادات طاقة مستقرة وتحقيق فوائد تجارية ملموسة.

من منظور اقتصادي، يمكن أن تُقلّل الصفقة من الرسوم الجمركية المرتفعة التي تصل إلى 50% على العديد من السلع، ما يجعل صادرات الهند أكثر تنافسية، ويزيد من تدفُّق الواردات الأمريكية، خاصةً الغاز الطبيعي والنفط الخام والمنتجات الزراعية. في الوقت ذاته، تبقى العلاقات الدفاعية والإستراتيجية قائمة، ما يعكس التزامًا طويل الأمد بين الجانبين.

مع ذلك، لا يمكن تجاهل الجانب الجيوسياسي؛ الصفقة قد تُستخدَم كأداة أمريكية لضبط موازين القوى الإقليمية في آسيا، خصوصًا في ظل المنافسة مع الصين. وفي الوقت نفسه، تحتاج الهند إلى إدارة علاقتها مع روسيا، خاصةً بعد اتفاقيات الدفاع والطيران المدني الأخيرة.

في النهاية، الاتفاقية بين واشنطن ونيودلهي تبدو صفقة مُربحة للطرفين على المدى القصير، لكنّها تَحمل أبعادًا إستراتيجية أوسع، تجمع بين التجارة والطاقة والمناورة الجيوسياسية، ما يجعلها نقطة مفصلية في علاقة القوى الكبرى بالهند خلال السنوات المقبلة.

مشاركة