أزمات الديون الضخمة، لا يتم علاجها بتدفقات مالية كبيرة وسريعة بهذا الشكل، بل يُعالجها إصلاح هيكلي في الاقتصاد الكُليّ للدولة؛ حيث بلغت حجم الديون الخارجية، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، 164.52 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2023، مطلوب منهم أكثر من 42 مليار دولار خلال هذا العام.
هذه الأرقام الضخمة من الديون، لا تعالجها شرائح من قروض صندوق النقد الدولي، أو صفقات تجارية ضخمة كصفقة بيع أراضي رأس الحكمة؛ فإجمالي قرض الصندوق بالكامل لا يتجاوز 8 مليارات دولار، وإجمالي سعر الصفقة 35 مليار دولار.
وحتى مع إضافة 6 مليارات دولار، قيمة تمويل البنك الدولي، و8 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبي، فلن يتجاوز الإجمالي 60 مليار دولار، وأغلبه عبارة عن قروض واجبة السداد أيضًا، وبالتالي فهي غير قادرة وحدها على حل أزمة الديون، بل قد تزيد الأزمة سوءًا؛ إذا لم يتم إصلاح شامل للاقتصاد.
لكن تظل أزمة الديون موجودة وحاضرة في الاقتصاد المصري، طالما لم يتم إصلاح هيكلي للاقتصاد من خلال زيادة الصادرات ورفع معدل النمو الاقتصادي لحدود الـ7%، على الأقل، وتحويل ميزان المدفوعات من عجز إلى فائض بزيادة الصادرات، وهو لا يتحقق إلا من خلال تعزيز القطاعات الرئيسة مثل الزراعة والسياحة والصناعة والاتصالات.
يتضمن الإصلاح الهيكلي أيضًا: تعزيز الاستثمارات الأجنبية، وإشراك القطاع الخاص، وزيادة تدفق رؤوس الأموال، والحد من دخول القطاع الحكومي في منافسة القطاع الخاص، مع زيادة الضمان الاجتماعي للفئات المُتضرّرة من خطط التقشف.
عموماً أزمات الديون لا تُعالَج بديون جديدة، ويُخشَى أن تُكرّر مصر أخطاء الأرجنتين، والتي عالجت ديوناً قديمة بديون جديدة، ودخلت في دوامة من الدَّيْن لم تنتهِ إلا بإفلاس البلاد، وذلك على مرأى ومسمع من صندوق النقد الدولي، الذي اكتفى حينها بتقديم اعتذار للشعب الأرجنتيني.