على الرغم من بعد التوصل إلى حل سياسي للحرب في غزة. إلا أن الدلائل تشير إلى أن أي حل سيكون بمثابة تغيير جذري في الخريطة الاستراتيجية في المنطقة. لا سيما أن أي حل سيكون بمثابة هزيمة لأحد أطراف الحرب. وأي سيناريو للحل سيؤثر بشكل أو بآخر على الدول العربية والإقليمية.
بالطبع في ظل الفارق الحاد في القوة العسكرية بين جيش الاحتلال وقوات المقاومة. تبدو نتيجة الحرب من الناحية العسكرية تميل بشكل شبه تام لصالح الاحتلال. وهذا يعني أن سيناريوهات الحل قد تخدم إسرائيل. لكن وفي الوقت نفسه لن تسمح المقاومة بأن تكون أي حلول على حسابها أو حساب القضية الفلسطينية.
من جهة أخرى تسعى إسرائيل ومن خلال مراكز الدراسات التابعة لها للترويج سياسياً لجملة سيناريوهات تصب في مصلحتها. وجميعها تقوم على فكرة جوهرية هي القضاء على المقاومة وإسقاط حكومة حركة حماس.
السيناريو الأول: العودة لوضع ما قبل الحرب. مع تشديد الحصار على قطاع غزة. وذلك بعد تدمير البنية التحتية في القطاع. والتأثير على القدرات العسكرية للمقاومة.
السيناريو الثاني: احتلال القطاع عسكرياً. والقضاء التام على القوة العسكرية للمقاومة. ومن المتوقع أن تقوم إسرائيل بدعم تشكيل حكومة فلسطينية موالية لها. على غرار حكومة “كرازاي” في أفغانستان سابقاً.
السيناريو الثالث: إسقاط حكومة حماس في قطاع غزة. ودعم عودة حكم حركة فتح إلى القطاع. وذلك بدعم من مصر. مع تشديد النطاق الأمني حول القطاع.
السيناريو الرابع: إسقاط حكومة حماس في قطاع غزة. مع وجود قوات دولية وعربية في القطاع. بهدف ضمان عدم وجود أي هجمات على إسرائيل. ويرتبط هذا السيناريو بتهجير الفلسطينيين إلى مصر.
السيناريوهات الأربعة السابقة التي يعمل الاحتلال على الترويج سياسياً لها لا تأخذ بالاعتبار ردة الفعل الفلسطينية. فكل هذه السيناريوهات تعني القضاء التام على المقاومة والبدء بتصفية القضية الفلسطينية.
المقاومة الفلسطينية تعتمد في عملها العسكري على نموذج حرب العصابات. فهي تتجنب الحرب التقليدية المباشرة. وتسعى للكر والفر. وهذا يعني أن أي سيناريو للحل وفقاً للرؤية الإسرائيلية لن يحقق أمان إسرائيل. فالهجمات على إسرائيل لا يمكن أن تتوقف حتى في ظل الاحتلال التام للقطاع.
بالطبع إن تجارب الاحتلال على المستوى الدولي كانت في مجملها لصالح المقاومة. ففي العراق وأفغانستان تشير التجارب إلى عجز قوات الاحتلال عن تحقيق أمنها وأهدافها. وهذا ما يتوقع أن ينسحب بشكل مباشر على قطاع غزة.
في الواقع سيناريوهات الحل وفقاً للرؤية الإسرائيلية لا تأخذ بالاعتبار إلا مصالحها الاستراتيجية. وتهمل بالكامل مصالح الدول العربية. فالسعي لإحلال قوات عربية في القطاع لحماية أمن إسرائيل من شأنه تحويل الصراع من فلسطيني إسرائيلي إلى فلسطيني عربي.
في الحقيقة إن سيناريو تهجير الفلسطينيين يؤثر بشكل مباشر على الدول العربية. فمصر ستتحمل تبعات تهجير أهالي غزة المحاصرين. كما أن الأردن ستكون مرشحة لاستقبال الفلسطينيين المهجرين في الضفة الغربية.
في النهاية كل سيناريوهات الحل وفقاً للرؤية الإسرائيلية من شأنها رسم الخارطة الاستراتيجية في المنطقة بما يخدم المصالح الإسرائيلية فقط. وهو ما يحتم على الدول العربية دعم صمود المقاومة لأن انكسارها يعني خسارة استراتيجية عربية محتمة.