أعلنت حكومة النظام في سورية عن اتفاق مع الجانب الإيراني لإحياء شركة “سيامكو” في سوريا، وذلك بإعادة إنتاج سيارة “شام”. فما هي فرص نجاح الشركة الإيرانية السورية سيامكو؟ وهل من الممكن أن تشكل هذه الخطوة دعما لاقتصاد النظام؟
تقوم أي شركة قبل الدخول إلى أي سوق جديد، أو قبل إعادة الدخول إلى سوق قديم لها بدراسة واقع السوق المستهدف. وهذا ما يسمى في علم الاقتصاد وعلم التسويق على وجه الخصوص بتحليل “بيستل” “PESTEL”. ويختص هذا التحليل بمعرفة الظروف الخارجية المحيطة بالشركة أو المحيطة بالسوق المستهدف.
تعتبر السوق السورية سوقا ضعيفة للغاية، فهي سوق غير مستقرة، علاوة على أنها تعاني من التبعات السياسية والعسكرية للحرب السورية. من ناحية أخرى يعتبر الطلب في السوق السورية شبه معدوم، فمستوى الدخل منخفض للغاية. فأجور الموظفين الحكوميين لا تتعدى 15 دولارا شهريا، علاوة على أن نسبة الفقر في البلاد تتجاوز 80%.
يعاني السوريون من تبعات حادة للحرب في بلادهم، وهذه التبعات أرخت بظلالها بقوة على الواقع الاقتصادي، فالتضخم بلغ مستويات قياسية. بالإضافة إلى ذلك تشهد الليرة السورية تدهورا مستمرا، لذلك فالبيئة الاستثمارية في سوريا تعتبر غير مناسبة بالمطلق لإطلاق أي مشاريع جديدة.
يحتاج الاقتصاد السوري لاستثمارات جديدة للنهوض به. ولكن الاستثمارات المطلوبة في هذه المرحلة يجب أن تكون مشاريع منخفضة التكنولوجيا مرتفعة العمالة. وذلك بهدف توفير فرص عمل للسوريين. من ناحية أخرى يحتاج الاقتصاد السوري لاستثمارات في مجال المواد الأساسية، لذلك لا بد من إشباع حاجة السوق من المواد الأساسية قبل طرح منتجات كمالية ومعمرة.
هرم ماسلو للحاجات يقول بضرورة إشباع الحاجات الفيزيولوجية بالبداية قبل الانتقال إلى الحاجات الأعلى. لذلك فإن طرح استثمارات ومنتجات كمالية في السوق قبل إشباع الحاجات الأساسية يعتبر خطأ تسويقيا، سيكلف الشركة خسارة موادها المالية، كما أنه لن يقدم شيئا للسوق السورية.
من غير المتوقع أن تتمكن الشركة الإيرانية السورية “سيامكو” من تحقيق أي نجاح في السوق السورية. وفي نهاية المطاف سينتهي الأمر بها إلى الخروج مرة أخرى من السوق بعد تحقيق خسائر مؤكدة. بالإضافة إلى ذلك ستشكل هذه الخسارة عبئا جديدا على السوريين وعلى الاقتصاد السوري، فهدر الموارد المالية لا يمكن أن يكون لا في صالح الدولة السورية ولا في صالح السوريين.
قدم الاتحاد السوفييتي في ستينيات القرن الماضي دعما لكوبا وعلى وجه الخصوص لحكومة فيديل كاسترو. تمثل هذا الدعم في استثمارات مالية لإنشاء مصانع عملاقة في البلاد، وذلك في ظل حصار خانق على كوبا. تم إنفاق الدعم على مصانع كبرى والشعب الكوبي لا يستطيع تأمين ثمن الخبز، نتيجة لذلك ففشلت الاستثمارات وتم هدر الدعم ولم تستفد كوبا من هذا الأمر.
على ما يبدو فإن النظام السوري وحليفه الإيراني يتوجهان لإعادة تجربة كوبا مع الحليف السوفييتي. فذاكرة الأنظمة تبدو ضحلة، نتيجة لذلك فإن الخسارة تبدو حاضرة في مشروع الشركة الإيرانية السورية، وهذه الخسارة هي خسارة للدولة السورية وللسوريين.