في خطوةٍ أثارت العديد من التساؤلات؛ أعلَن مصرف سوريا المركزي عن قرار إيقاف قبول أو تجديد الودائع بالقطع الأجنبي للمصارف العاملة لديه. ورغم أنّ القرار قد يكون مدفوعاً بمُبرِّرات تتعلَّق بتوفير النفقات؛ إلا أن التَّبعات السلبية المحتملة للقرار قد تَفُوق فوائده، مما يضع علامات استفهام حول مدى نجاح هذه الخطوة في تحقيق أهدافها دون الإضرار بالاقتصاد السوري.
أحد أبرز التداعيات السلبية للقرار هو تعقيد إدارة البنوك السورية لأرصدة العملات الأجنبية لديها. سابقًا، كانت المصارف تتمكَّن من إيداع هذه العملات لدى البنك المركزي، وتحصل على عوائد مقبولة. ولكن مع إيقاف قبول هذه الودائع، ستضطر المصارف للبحث عن بدائل أخرى أكثر تكلفةً وأقل أمانًا، ممَّا قد يزيد من الضغط على القطاع المصرفي.
إضافة إلى ذلك؛ فإن هذا القرار يحرم البنك المركزي من مصدر مُهِمّ للعملات الأجنبية، وهو بحاجة ماسَّة إليها لدعم الاحتياطيات النقدية في مواجهة التحديات الاقتصادية. ومع تقلُّص هذه الاحتياطيات، قد تتفاقم الأزمات الاقتصادية، خاصةً في ظلّ تراجُع قيمة الليرة السورية أمام العُملات الأجنبية.
من جانب آخر، يمكن فَهْم مُبرّرات القرار من زاوية خَفْض النفقات التي يتحمّلها البنك المركزي نتيجة دَفْع الفوائد على هذه الودائع. ومع ذلك، فإنّ هذا التوفير قد يترتَّب عليه تداعيات سلبية، منها تعزيز مخاوف المستثمرين بشأن سياسة المركزي تجاه التعامُل بالقطع الأجنبي. ما قد يُؤدّي إلى عزوف المستثمرين عن ضخّ رؤوس أموالهم في سوريا، ممَّا يُقلّل من احتمالية استقطاب استثمارات أجنبية مستقبلية ضروريَّة لدعم الاقتصاد.
علاوةً على ذلك، فإنّ تأثيرات القرار قد تمتدّ إلى السوق الموازي للعملات الأجنبية. فمن المحتمَل أن يؤدي هذا القرار إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق السوداء نتيجة فقدان المصارف الرسمية لدَوْرها كحلقة وَصْل بين السوق والبنك المركزي، ما قد ينعكس سلبًا على قيمة الليرة.
في المُحصِّلة، بينما يسعى مصرف سوريا المركزي إلى تقليل النفقات، فإنّ هذه الخطوة قد تكون سلاحًا ذا حدين. ولذا من المهمّ أن تتم دراسة الآثار الجانبية للقرار بعنايةٍ لتجنُّب تعميق الأزمات المالية والنقدية، وضمان اتخاذ خطوات مدروسة لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.