العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة لم يؤثر فقط على القطاع. أو حتى منطقة الشرق الأوسط. مع توسع ساحة المعركة لتشمل لبنان والعراق وسوريا والبحر الأحمر. بل امتد إلى مناطق أخرى حول العالم. أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تستعد لانتخابات رئاسية حاسمة هذا العام.
موقف الإدارة الأمريكية الحالية وعلى رأسها الرئيس الديمقراطي جو بايدن واضح. وهو الوقوف بجانب إسرائيل منذ اليوم الأول للقتال. حيث عززت دفاعاتها الصاروخية. كما دفعت الكونجرس إلى تمرير حزمة مساعدات كبيرة لإسرائيل. ومارست حق النقض لرفض أي إدانة لأعمال إسرائيل العدائية. أو وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة.
في الحقيقة وحتى مع الانتقادات الدولية المتزايدة بشأن عدوان إسرائيل الغاشم وعدد القتلى المتصاعد بين سكان القطاع المدنيين. رفض الرئيس الديمقراطي الحالي -ومرشح الحزب المحتمل في الانتخابات المقبلة- بإصرار ربط المساعدات العسكرية الأمريكية للبلاد كوسيلة لتغيير تكتيكاتها.
هذا الموقف المتشدد من جانب جو بايدن الذي يصف نفسه بأنه “صهيوني القلب” أحدث شرخاً كبيراً في الحزب الديمقراطي. وأحدث انقساماً بين جمهور الناخبين. حيث أظهر استطلاع للرأي في ديسمبر الماضي أن 57% من المشاركين لا يوافقون على موقف بايدن. ويرتفع هذا الرقم إلى 72% بين الشباب. الذين كانوا السبب الرئيس وراء فوزه عام 2020م على ترامب.
هذا الموقف المتشدد أدى إلى أن 30.9% يرون أنهم لن يصوتوا لبايدن. مقابل 14.2% سوف يصوتون لصالحه إذا أُجريت الانتخابات الرئاسية اليوم. وبخلاف موقف الرئيس الديمقراطي جو بايدن المختلف عليه فهناك انقسام داخل الأحزاب نفسها.
حيث ترغب أغلبية متزايدة من الجمهوريين 71.9% في ألا تميل الولايات المتحدة نحو إسرائيل. في حين تريد أغلبية أقل من الديمقراطيين 57.4% ألا تميل الولايات المتحدة نحو أي من الجانبين. كما يريد 53.6% من المستقلين ألا تميل الولايات المتحدة نحو أي من الجانبين. وهو قريب من نسبة الشباب الأمريكي 54.5% الذي يريد الحياد.
صحيح أنه من غير المرجح أن يصوّت الديمقراطيون لخصوم بايدن الجمهوريين بسبب موقفه من العدوان الإسرائيلي على غزة. لكنّ البعض قد يغيب عن الانتخابات تماماً بسبب هذا الموقف. وهو ما قد يؤثر على النتيجة النهائية.
أما موقف الشباب الأمريكي فيجب أن يكون الأكثر إثارةً لقلق بايدن. حيث إن 70% من الناخبين تحت سن 35 عاماً لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب. وغالبيتهم لا يؤيدون إرسال أسلحة إلى إسرائيل. وأكثر من نصف مواليد الألفية الجديدة يريدون أن تغير الولايات المتحدة سياستها نحو إسرائيل.
هذا المؤشر القوي لن يؤثر فقط على الانتخابات المقبلة. بل على سياسة الرئيس الأمريكية المقبلة. والتي يجب أن تراعي هذا التوجه القوي.
في النهاية وعلى كل الأحوال ورغم أن السياسة الخارجية بشكل عام لا تهم الناخب الأمريكي. حيث يرى ما يزيد قليلاً عن 1% أن العدوان على غزة القضية الأكثر إلحاحاً. لكن في سباق رئاسي ساخن. فإن دعم بايدن المستميت لإسرائيل قد يكلفه أصواتاً ثمينة خاصةً في ولايات متأرجحة مثل ميشيغان. التي تضم حوالي 206 آلاف ناخب مسلم.