تشكل عملية إعادة إعمار المناطق التي دمّرها الزلزال في تركيا فرصةً للحكومة لإعادة البناء وفقاً لمعايير حديثة. وتلافي الأخطاء والثغرات السابقة. وتطبيق سياسات عمرانية تتناسب مع التوجهات الدولية الحديثة في العمران وفي تنظيم المدن. لكن هذه الخطط تواجه عدة تحديات أبرزها الضغوط الاقتصادية التي تواجهها أنقرة.
فيما يتعلق بالواقع الاقتصادي التركي تواجه تركيا تحديات اقتصادية عدة. أبرزها تراجع قيمة الليرة التركية التي وصلت لمستويات قياسية متدنية. كما تواجه تضخماً مرتفعاً تجاوز في العام الفائت حاجز 80% وضغوطاً على مستوى الموازنة العامة. وهذا كله يؤثر سلباً على قدرتها المالية المطلوبة لإعادة الإعمار.
بالطبع تفاقمت الأزمة مع الزلزال. فالبنك الدولي قدّر خسائر الزلزال المباشرة بـ 34,2 مليار دولار. وقدر تكلفة إعادة الإعمار بين 70 – 100 مليار دولار. إضافةً لتراجع الناتج المحلي بنسبة 0.5%. وهو ما يعقد المشهد الاقتصادي التركي. ويفرض على الحكومة ضغوطاً جديدة.
في الحقيقة المساعدات الدولية لتركيا كانت شحيحةً للغاية. ولا يمكن التعويل عليها في دعم عملية إعادة الإعمار. وهو ما يحتم على أنقرة الاعتماد على مواردها الذاتية. وحتى على مستوى المؤسسات الدولية. فإن مساهمتها المتوقعة تعد منخفضةً مقارنةً بحجم الكارثة.
في الواقع تتضمن خطة إعادة الإعمار وضع معايير جديدة للبناء. تراعي اعتبارات الزلازل وتغيرات المناخ. والاعتماد على الطاقة النظيفة وإنشاء شبكة كهربائية أكثر مرونة. فمع تعهد البنك الدولي وبنوك التنمية الأخرى بتقديم أكثر من 2 مليار دولار لإعادة الإعمار. يتجه التفكير لربط تلك الجهود بالاستدامة.
كما تشمل الخطة أيضاً التحقيق مع العشرات من مقاولي البناء. وبدء برنامج سريع لإعادة الإعمار لإعادة بناء آلاف المنازل المدمرة في غضون عام واحد. وكذلك تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للزلازل في تركيا 2023م. والتي تعد بمثابة خارطة طريق لتقليل الخسائر المرتبطة بالزلزال. وتتكون من 3 محاور و7 أهداف و29 خطة و87 عنصر عمل.
من جهة أخرى فإن الهدف الرئيس من تلك الاستراتيجية يتمثل في بناء مدن جديدة مقاومة للزلازل وآمنة ومستدامة. بحيث يمكن الحد من الأضرار والخسائر المادية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية التي قد تنتج عن الزلازل وتقليل آثارها.
بالإضافة إلى ذلك سيتم دعم الصندوق الوطني لبحوث الزلازل لإعداد خريطة مخاطر للزلازل. وخريطة تكتونية للزلازل. وخرائط متعددة المخاطر في تركيا. ومجمع التأمين التركي ضد الكوارث. والقيام بعدة حملات توعية عامة لتحسين التعامل مع الزلازل.