بالطبع تشهد الليرة التركية تدهوراً في الآونة الأخيرة منذ خفض سعر الفائدة. لهذا السبب تدخل البنك المركزي التركي لإعادة التوازن لسوق سعر الصرف. ممّا أثار بعض التساؤلات حول جدوى هذا الأمر. وهل سيفضي إلى وجود سعرين للدولار سعر رسمي وسعر سوق سوداء؟ فما مدى صحة هذه الافتراضات؟ وماذا يعني تدخل البنك المركزي التركي في سعر صرف الليرة التركية؟
في الحقيقة يتدخل البنك المركزي في سوق سعر الصرف عندما تبلغ خسائر العملة المحلية درجة يهدد بها الاستقرار النقدي. وتكون آلية التدخل عن طريق ضخ العملات الأجنبية لا سيما الدولار في السوق المحلية.
بصفة عامة يتم ضخ الدولار في السوق من خلال شراء الليرة التركية. فالبنك المركزي يقوم بشراء الليرة من السوق مقابل الدولار. وفي هذه الحالة تنخفض كمية الليرة في السوق وتزداد كمية الدولار. مما يؤدي لتحسن قيمة الليرة نتيجة انخفاض كميتها ونتيجة وفرة الدولار.
بالتالي يتناسب مقدار تحسن الليرة مع كمية الدولار التي تم ضخها. فكلما ازدادت الكمية التي تم ضخها في السوق يزداد تحسن الليرة والعكس صحيح. وعادة ما يقوم المركزي بشراء الليرة وبيع الدولار من خلال البنوك الحكومية والخاصة العاملة في البلاد.
في الحقيقة لا يشكل تدخل المركزي في سوق الصرف أي فرصة لظهور سعرين للدولار. فوجود سعرين في الدولة لا يحدث إلا في حالة فرض البنك المركزي سعر إلزامي للدولار بغض النظر عن واقع السوق. كما في حالة النظام السوري. فبنك النظام المركزي يفرض سعراً رسمياً للدولار 2,500 ليرة بغض النظر عن السوق. بينما في السوق الحقيقية يبلغ سعر الصرف 3,500 ليرة للدولار الواحد.
علاوة على ذلك يقوم الاقتصاد التركي بشكل عام على حرية السوق. والتي تشكل ركيزة رئيسة من ركائز دعم الاستثمار الأجنبي. لذلك لا يمكن أن يتدخل المركزي التركي ويفرض سعر صرف قسري. فقضية وجود سعرين لصرف الدولار في تركيا أمر غير وارد مطلقاً.
في الواقع تسعى الحكومة التركية من خلال تخفيض سعر الفائدة لحل مشاكل الاقتصاد حلاً جذرياً وليس حلاً آنياً. وهذا الأمر سيسبب في المدى القصير آثاراً سلبية على سعر الصرف. فتراجع قيمة الليرة أمر متوقع ومبرَّر لحين بدء نتائج خفض سعر الفائدة بالظهور.
كما يسعى المركزي التركي من خلال تدخله في سعر الصرف للتخفيف من الآثار السلبية لخفض سعر الفائدة. خصوصاً لحين بدء ظهور النتائج الإيجابية لهذه السياسة. فالتدخل آني وليس دائماً فهو تدخل تصحيحي فقط.
في الوقت الحالي يُعد تدخل المركزي في سوق الصرف ذا آثار سلبية تتمثل بتراجع رصيده من العملات الأجنبية. فهو يتخلى عن الدولار مقابل زيادة رصيده بالليرة التركية. ولكن وباعتبار أن هذا التدخل آنيّ وليس سياسة دائمة فإن هذا الأمر يقلل من حدة هذه الآثار السلبية.