شَارِك المَقَال

تشهد الليرة السورية منذ انتصار الثورة تحسنًا واضحًا، لكن يشوبه تذبذب مستمر، وبلغت نسبة التحسُّن 30%. وهذ التحسُّن يعود لعدة أسباب؛ يأتي في مقدمتها نَقْص عرض الليرة السورية في السوق، وهذا ناتج عن بعض التأخير في صَرْف رواتب موظفي الحكومة.

 

كما أن قرار حلّ جيش النظام البائد وأجهزته الأمنية أسهم في نَقْص عرض الليرة في السوق، نتيجة تسريحهم، وبالتالي تم إيقاف رواتب مئات الآلاف منهم. بالإضافة إلى ذلك فهناك توجُّه عامّ لدى البعض لادّخار الليرة على أمل تحسُّنها المستمر، ما أثَّر أيضًا على عَرْضها في السوق. وتراجُع العرض يعد هو العامل الرئيس في تحسُّن قيمتها.

 

من جهة أخرى، فالعامل النفسي أيضًا له دور مُهمّ في تحسُّن قيمة الليرة؛ خاصةً مع توقُّع تحسُّن اقتصادي قريب، وبدء إعادة الإعمار والرفع التامّ للعقوبات المفروضة على الدولة، هذا التفاؤل انعكس بشكلٍ مباشر على قيمة الليرة وعلى الثقة بمستقبل الاقتصاد.

 

بالطبع زيارة أمير دولة قطر إلى سوريا عزَّزت من الثقة بمستقبل الاقتصاد ومستقبل الليرة، خاصةً أنها تُعدّ خطوة أولى على طريق الاعتراف الرسمي بشرعية الحكومة السورية، وبالتالي الاقتراب من الرَّفع التام للعقوبات واحتمال الإسراع بإعادة الإعمار. كما عزَّزت من الثقة، وظهر أثر الزيارة بشكلٍ مباشر من خلال تحسُّن قيمة الليرة من 11,000 إلى 10,000 أمام الدولار. ما يعكس أثر الزيارة على الثِّقة بتحسُّن اقتصادي قريب.

 

التحسُّن الذي تشهده الليرة حتى الآن لا يرجع لأسباب اقتصادية مباشرة، ما يجعله غير مستقرّ بشكلٍ تامّ، فالتحسُّن المستمر والمستقر يتطلَّب تحسُّنًا حقيقيًّا في المؤشرات الاقتصادية من إنتاج واستثمار وتصدير. لذلك لا يمكن الاعتماد عليه بشكلٍ مطلق والاستناد إليه في اتخاذ قرار الادخار بالليرة. ولكن يمكن القول بأن المؤشرات الحالية تُوحي باحتمال كبير لتحسُّن اقتصاديّ حقيقيّ على المديَيْن القصير والمتوسط.

 

في النهاية، في ظلّ هذا الواقع لا يُنصَح بالاعتماد على الليرة كعملة رئيسة للادّخار، بمعنى أنه لا يُنصَح بشرائها بكميات كبيرة، الأنسب توزيع المخاطر من خلال الادخار بالدولار والذهب والليرة، وأن تكون الكمية الأقل بالليرة. وفيما يتعلق بالدولار والذهب، إذا كان الادخار لفترة قصيرة (عدة أشهر) فالأفضل الادخار بالدولار، أما إذا كان لفترة طويلة (أكثر من سنة) فيُفضَّل الادخار بالذهب.

شَارِك المَقَال