بصفة عامة ترتبط إيران بالنظام السوري بعلاقات تاريخية وطيدة. وتعززت هذه العلاقات في ظل الحرب السورية. فبات لها بعد سياسي وعسكري واقتصادي. وفيما يخص البعد الاقتصادي يلاحظ تنامي الاستثمارات الإيرانية في سوريا مؤخراً. فما دلالات هذه الاستثمارات في هذه الفترة؟ وما البعد الاستراتيجي للمصالح الاقتصادية الإيرانية في سوريا؟
إن قضية التعامل والتعاون الاقتصادي بين إيران والنظام السوري من الصعب فهمها ما لم يتم النظر للعلاقة بشكل واسع. أي النظر للعلاقة العسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى المذهبية. فالعلاقات بين الطرفين باتت من التعقيد والتشابك لدرجة بات معها من الصعب فصل أبعادها السياسية والعسكرية عن الاقتصادية.
تسعى إيران مؤخراً لزيادة استثماراتها في سوريا. وبالتأكيد فإن لإيران من خلال هذه الاستثمارات أهدافاً اقتصادية كأيّ استثمار أجنبي. وبالإضافة للأهداف الاستثمارية المباشرة فإنها تسعى من خلالها لجعلها منصة أو قاعدة للمشاركة في عملية إعادة الإعمار المرتقبة.
ومن جهة أخرى تحاول إيران استخدام هذه الاستثمارات لتعزيز حضورها الاقتصادي في سوريا لدعم موقفها السياسي والعسكري. فمؤخراً بدأت تتردد أنباء عن تقييد حركة الضباط الإيرانيين في سوريا. وأنهم لم يعودوا يتمتعون بالحريات والصلاحيات التي كانوا يتمتعون بها سابقاً.
في الواقع تخشى إيران أن تكون أفعال التقييد هذه مقدمة لخطوات لاحقة. تتضمن قيام النظام بالتضحية بالعلاقة معها من خلال صفقة إقليمية مستقبلية لحل الأزمة السورية. ولهذا تسعى لتعزيز حضورها الاقتصادي ومحاولة الإمساك بمفاصل الاقتصاد السوري دفعاً لأي ضغط مستقبلي عليها.
من أهداف الاستثمارات الإيرانية أيضاً استخدامها لتحسين صورتها في سوريا. وإظهار نفسها كداعم اقتصادي للسوريين. وذلك لتخفيف حدة النقمة الشعبية عليها. وربما قد يساعدها هذا الأمر في دعم مشروعها في توسعة الانتشار الشيعي الذي بدأ في دير الزور.
في الحقيقة فرص نجاح المشروع الإيراني الاقتصادي مرتفعة. لا سيما في ظل الحاجة الملحة للنظام. وفي ظل عدم وجود منافسين. وهنا لا بد من التنويه إلى أن العرب ارتكبوا خطأ عندما أخلوا الساحة السورية لإيران. فكان لا بد من إيجاد أساليب محددة مباشرة أو غير مباشرة لدرء الوجود الإيراني. وكما يقول المثل: “درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج”.