يُعتبَر مَفْهوم #رَأْس_المال من أكثر المَفاهيم الاقتِصاديّة شُيوعًا، وغالبًا ما يُشار إليه على أنّه المَبلَغ الَّذي يتمّ به افتِتاح #المَشْروع، على الرّغم من الصِّحّة النِّسْبية لهذا المعنى إلّا أنّه يَحتاج لدِقَّة أعلى في التّعريف، كما يجب التَّفرِيق بين #رَأْس_المال الثَّابِت والعَامِل.
يَعتقِد البعض أنّ #رَأْس_المال يمثِّل #النُّقود الّتي يَبدَأ بها المُستثمِر مَشْروعَه، وهذا اعتِقاد خاطِئ، فهو كلّ #المَوارد_المالِيّة من نَقْد ومُعدَّات وبَضائع وآلات وغيرها الَّتي تُستخدَم لمُباشَرة #المَشْروع، وهو يُقسَّم لرأْس مال ثابِت وآخَر عامِل.
يُمثِّل #رَأْس_المال الثّابِت الاستِثمارات طَوِيلة الأجَل التي تَبْدأ بها #المُنَشأة ويتِمّ تَمْويلها بتَمْويلٍ طويل الأجَل، ويُمكِن زيادتها أو إنْقاصها خِلال حيَاة المَشْروع، أمّا الثَّابِت فيمثِّل مَوْجودات #الشَّرِكة من نَقْد وأَرْصدِة وبضائِع وحِسابات مَطْروحًا منها التِزامات الشَّرِكة ودُيونها قَصيرة الأجَل.
لا يُستهلَك #رَأْس_المال الثَّابِت مُباشَرة خِلال الإنتاج، فقد يتطلَّب استِهلاكه عَشَرات السَّنوات، بينما #رَأْس_المال العامِل غالِبًا ما يُستهلَك خِلال عامٍ واحِد، وقد تَجِد مَوْجودات تمثِّل رأْس مال ثابِت في مُنْشأة ما وتَجِدها نَفْسها من رأس المال العامِل في مُنْشأة أُخرَى.
البِناء والمُعدَّات والسيَّارات في مَعْمل #النَّسيج مثلًا هي رأْس مال ثابِت، بَيْنما صافي النَّقْد والأقْمِشة والأَرْصدة يمثِّل رأس مال عامِل، فالسيَّارات هنا تُستخدَم للنَّقْل وليس للتَّداوُل فهي رأْس مال ثابِت، بينما شَرِكة تَصْنيع السيَّارات تمثِّل السيَّاراتُ بها رأس مال عامِل كَوْنها مُخصَّصة للبَيع وللتَّداوُل.
تتمثَّل وظِيفة #رَأْس_المال الثَّابِت في تَحْقيق #الرِّبح، أمّا رأس المال العامِل فلَه عِدَّة وظائِف منها دَعْم رأس المال الثَّابِت في الرِّبح، والوظيفةُ الأهمّ له تتَمثَّل في الوفاء بالتِزامات #الشَّرِكة أو #المَشْروع في المدى القَصِير.
تَقُول القاعِدة الاقتِصاديّة أن نِسْبة #الرِّبْح تَتناسَب عكسيًّا مع سُيولة #الأصُول، بمعنى أنّ قُدْرة #رَأْس_المال الثَّابِت على تَوْليد الرِّبح أعلى من قُدْرة العامِل، إلّا أنّ زيادة نِسْبة #رَأْس_المال الثَّابِت تُشكِّل مُخاطَرة للمَشْروع في عدم القُدْرة على الوفاء بالتزاماته.
يَسعى المُستثمِرون للمُواءَمة بين الرّبح والمُخاطَرة، وهذا يَنعكِس مُباشَرة على نِسْبة #رَأْس_المال الثَّابِت والعامِل، فالمُستثمِر الناجِح يَتمكَّن من توزيع رأس ماله بحِكمة بين الثَّابِت والعامِل بحيث لا تَنخفِض أرْباحه بشِدَّة ولا يَدخُل في هامِش مُخاطَرة مُرتفِع.
إذا اقتَرضْت 20,000 دولار لإنشاء مَشْروع تَأْجير سيَّارات بمرابحة سَنوية 10% مِقْدارها 2000 دولار، واشتَريْت 6 سيَّارات بـ 18,000 دولار، وجهَّزت مَكْتب عمَل ب 1000 دولار، واحتَفظْت بـ 1000 دولار كمَصْروف تَشْغيليّ، ووظَّفْت 3 عُمّال بأَجْر شَهْريّ لكلّ منهم مِقْداره 500 دولار.
وَفْق التَّوْزيع السَّابِق ل #رَأْس_المال نَجِد أنّ المُستثمِر وظَّف 19,000 دولار كرأس مال ثابِت مُقابِل 1000 دولار كرأْس مال عامِل، وهذا بالتَّأْكيد التَّوْزيع الأَفْضل لنَاحِية تَحقِيق الرِّبْح، إلا أنَّه يَنطوِي على مُخاطَرة كبيرة جدًّا من ناحِية قُدْرة المَشْروع على الوَفاء بالتزاماته.
تتمثَّل التِزامات #المَشْروع بـ 1500 دولار شَهْريّ كرَواتِب عُمّال، و2000 دولار سنويًّا فائِدة على المَبلَغ المُقترَض، وفي الفَتْرة الأُولَى من حيَاة المَشْروع قد لا تَكفِي الإيرادات لسَدَاد الالتِزامات ممّا قد يُدخِل المَشْروع في عَجْز ماليّ، كما أنّ أيّ تَراجُع في مُستوَى النَّشاط قد يُسبِّب العَجْز أيضًا.
وفي المُقابِل إذا خَفَّض المُستثمِر رَأْس المال الثابِت لـ 5 سيَّارات فسيَزيد المَبلَغ المُخصَّص للمَصاريف التَّشْغيليّة لـ 4000 آلاف دولار وسيُصبِح في مُستوَى خَطَر أقلّ لكن الأرباح ستَنخفِض، فالقَضيّة هي المُواءَمة بين مِعْيارَي الرِّبحيّة والسُّيولة أو الرِّبحيّة والمُخاطَرة، وهي ما تُحدِّده قضايا التَّحلِيل الماليّ.