توجد جزر عديدة في بحر إيجه وهي تتوسط المسافة بين تركيا واليونان. وهذه الجزر متنازع عليها بين تركيا واليونان بحكم أهميتها الاستراتيجية. ولكن بموجب اتفاقية لوزان 1923م واتفاقية باريس 1947م تنازلت تركيا عن حق المطالبة بهذه الجزر. وباتت تحت السيادة اليونانية شريطة التزام اليونان بأن تبقي الجزر منزوعة السلاح. والسؤال هنا: ما دلالات الطرح المتعلق بإعادة سيادة تركيا على جزر بحر إيجه؟
عادت قضية الجزر للظهور بعد اكتشاف الغاز شرق المتوسط. وبعد التوترات السياسية والعسكرية في العالم. فلهذه الجزر أهمية اقتصادية وجيوسياسية. فأهميتها الاقتصادية تنطلق من قانون البحار عام 1985م. والذي ينص على أن المياه الاقتصادية للدول تبدأ من نهاية البر بعمق 200 ميل في البحر. فالسيادة على هذه الجزر تمنح اليونان حصة أكبر من حصة تركيا في مياه المتوسط. وهذا ما تراه تركيا مخالفاً للقانون والمنطق.
بعد بدء تركيا التنقيب على الغاز في المناطق البحرية المتنازع عليها قامت اليونان بتسليح الجزر. وهذه مخالفة لنص اتفاقيات لوزان وباريس. وهددت تركيا بأنه في حال استمرار التسليح اليوناني فإنها ستناقش مع الأمم المتحدة قضية السيادة على الجزر. وفي ذات الوقت خاطبت اليونان الأمم المتحدة متهمةً تركيا بالسعي لتهديد اليونان من خلال تهديد حقوقها الاقتصادية الخالصة في مياهها الإقليمية.
الحديث عن نية تركيا استعادة السيادة على الجزر يشكل طرحاً سياسياً إعلامياً. وغالباً ما يروج له أنصار النزعة القومية التركية. فحتى وإن ثبت تسليح اليونان للجزر فإن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال عودة الجزر لتركيا. فتسليح الجزر يشكل خرقاً لبنود الاتفاقية. وهذا يتطلب الضغط الدولي على اليونان لوقف التسليح. وفي أفضل الأحوال سيتم فرض عقوبات عليها. إذ لا يوجد في الاتفاقيات ذات الصلة أي ذكر لكون مخالفة نصوص الاتفاقية سيفضي إلى عودة السيادة التركية على الجزر.
وهنا من الضروري التنويه إلى أن موقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية يميل لصالح اليونان في خلافاتها مع تركيا. وهذا ما يبرر قيام اليونان بتسليح الجزر. فهي تستند لدعم ضمني أوروبي وأمريكي.
وختاماً يمكن القول بأن الطرح المتعلق بإعادة سيادة تركيا على جزر بحر إيجه لا يعدو كونه طرحاً سياسياً إعلامياً. قد يكون أحد أسبابه إذكاء الروح القومية لدى الأتراك لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. فهذا التلميح بالمطالبة بالجزر يشكل دعماً سياسياً داخلياً لموقف العدالة والتنمية في الانتخابات. ولكن على الأرض لن يكون لهذه المطالبات أثر حقيقي.