تعد الوساطة الصينية الناجحة بين السعودية وإيران ذات دلالات سياسية واستراتيجية عميقة. وتأتي هذه المصالحة في ظل تغيرات إقليمية ودولية واضحة. فعلى المستوى الإقليمي هناك توجه منذ عامين للتهدئة. وتمت العديد من المصالحات بين أقطاب سياسية رئيسة.
في ذات الوقت هناك ملفات إقليمية شهدت تصعيداً. كالحرب في اليمن. والتقدم الإيراني في البرنامج النووي.
لكن الوساطة الصينية ما كانت لتنجح لولا وجود عدة دوافع للتهدئة لدى كل من السعودية وإيران. ففيما يتعلق بالسعودية. فحتى اللحظة لم تنجح المساعي الغربية في التوصل لاتفاق يضمن تراجع إيران عن تطوير أسلحة نووية. وهو ما يعد أمراً بالغ الخطورة بالنسبة للسعودية. إضافةً لكون الحرب في اليمن أرهقت السعودية.
وبالنسبة لطهران فإن الضغوط الغربية عليها تزداد. خاصةً عقب الاحتجاجات الأخيرة. وتصاعد الاتهامات الموجهة ضدها في ملف حقوق الإنسان. وهذا الأمر شكل لديها قناعةً بأن الغرب غير جاهز حالياً للعودة للاتفاق النووي. لذلك كان لا بد من الاتجاه نحو المصالحة مع السعودية لتخفيف الضغط على الاقتصاد الإيراني.
وذات الأمر بالنسبة للصين. فالسعودية هي المصدر الأهم للنفط إلى الصين. وهو ما يجعل من استقرار السعودية أولوية بالنسبة للصين. كما أن تمدد النفوذ الصيني لم يتمكن حتى الآن من النجاح في منطقة الخليج العربي. وهذه الوساطة كانت بمثابة فرصة استراتيجية صينية.
في الحقيقة تشكل الوساطة الصينية تحدياً غير علني للنفوذ الأمريكي في المنطقة. وبشكل عام فإن الإدارة الأمريكية لم تكن مرتاحة لهذا الاتفاق. لذلك سعت للتقليل من أهمية الدور الصيني. وذلك من خلال القول: “إن الضغط الداخلي والخارجي الذي مورس على طهران. هو ما دفعها في النهاية إلى طاولة المفاوضات”. وتجاهل البيت الأبيض الإشادة بالدور الصيني.
من المتوقع أن ينتج عن الاتفاق السعودي الإيراني تهدئة حدة الصراع في اليمن. وتصاعد فرص التوصل لحل سياسي. إضافةً لاحتمال التأثير إيجاباً على المسار السياسي المتعلق بالقضية السورية.
من جهة أخرى فإن نجاح الوساطة الصينية قد يكون حافزاً لها لتعزيز حضورها الدولي كراع للسلام. فالزيارة المرتقبة للرئيس الصيني إلى موسكو قد تحمل مبادرة صينية جديدة لإيجاد حل للصراع في أوكرانيا.