مشاركة

كل نظام مالي ينهار، ينهض من رماده نظام آخر. اليوم، نعيش لحظة التحول الأكبر في شكل المال نفسه. هذه المرة القصة مختلفة؛ فهناك قوة مالية جديدة قادرة على تغيير قواعد اللعبة. والسؤال: من وراء هذا التحول؟

 

القصة بدأت بمجموعة مبرمجين حلموا بعالَم بلا بنوك مركزية، بلا وسطاء، بلا حكومات تتحكَّم. والفكرة باختصار: أموالك مِلْكك وأنت المتحكم بها.

 

اليوم، عائلة ترامب تبني إمبراطورية الكريبتو، وأرباح العائلة تجاوزت الـ620 مليون دولار. شركة “وورلد ليبرتي فاينانشال” World Liberty Financial” المملوكة لعائلة ترامب تفاوض على جمع 1.5 مليار دولار إضافية، والأرقام تكبر، والتأثير كذلك أصبح أكبر.

 

خطة ترامب واضحة؛ الرجل وعَد بجعل أمريكا عاصمة العملات المشفرة بالعالم. عيَّن مسؤولين مؤيدين للكريبتو بمناصب رقابية، ودفَع الكونغرس لتمرير قانون “جينيوس” لتنظيم العملات المستقرة.

 

التأثير لم يتوقف عند واشنطن؛ فدولة الإمارات أصبحت مركز التشفير المنظَّم بالمنطقة، وتركيا تتحرك لتنظيم السوق، وهناك دول عديدة بدأت تدرس كيف تستفيد من هذه التطورات.

 

ترامب لا يبني إمبراطورية خاصة فقط؛ بل يطمح إلى إعادة تشكيل النظام المالي العالمي كله.

 

لكن هل العملات المشفرة أداة للحرية المالية؟ أم تحوَّلت لساحة جريمة منظمة؟

الواقع يقول: إن الفضاء الرقمي صار مكانًا للفوضى. عملات الظل هي الأكثر استخدامًا في العمليات المشبوهة؛ وتمت مصادرة 61 ألف بيتكوين ببريطانيا في أكبر قضية احتيال وغسل أموال، إضافةً إلى تفكيك شبكة بـ540 مليون دولار في إسبانيا، وسرقة 21 مليون دولار بعملية قرصنة واحدة؛ كل هذه مشاهد تعكس حجم المخاطر.

 

المشكلة في النظام المالي نفسه. اللامركزية التي كانت نقطة قوة، تحوَّلت لضعف. المعاملات غير قابلة للإلغاء، مع الغياب الكامل لجهة مركزية تحمي المستهلك جعل النظام عُرْضَة للانتهاك.

 

المسألة أعمق من القوانين؛ فهناك صراع آخر بين النظام المالي التقليدي والعالم المشفَّر. البنوك ترى العملات المشفرة تهديدًا لوجودها، بينما يرى الكريبتو في البنوك عقبة أمام الحرية المالية.

 

جرائم الكريبتو اليوم هي مستقبل الجريمة، وسرقة البنوك أصبحت من الماضي. ومع ذلك يبقى السؤال: مَن يحمي الأموال الرقمية؟ ومَن يضمن أن تبقى هذه التكنولوجيا أداة لتنمية الثروات وليس لإتلافها؟

 

مشاركة