يتّجه الاقتصاد السوري نحو انفتاحٍ واسعٍ بعد رَفع العقوبات الأوروبية، وتعليق جزء مُهِمّ من العقوبات الأمريكية، ما يُمثّل فرصةً لإنعاش الاقتصاد على عدة مستويات. هذا الانفتاح من شأنه أن يُعيد سوريا إلى واجهة التعاملات الاقتصادية الدولية.
قطاع التحويلات المالية على الأغلب سيشهد نموًّا واضحًا، خصوصًا من السوريين المقيمين في الخارج. وسابقًا كانت الحوالات تتم عبر طرق غير رسمية، مما حرم الأفراد من جزء من أموالهم، وحرَم الدولة من مصادر قطع أجنبي مهمة.
مع تسهيل التحويلات، يمكن للدولة أن تستفيد من نحو 2.5 مليار دولار سنويًّا. إضافة إلى ذلك الأرصدة المُجمَّدة في الخارج، من الممكن استعادتها، ما يُعزّز من قدرة الحكومة على إدارة الوضع المالي الداخلي. كما أن الانفتاح سيُسهِّل دخول استثمارات أجنبية جديدة، خاصةً في القطاعات الإنتاجية والخدمية، ما يعني خَلْق فُرَص عمل جديدة، وتحسين معدلات الدخل والمعيشة.
عودة سوريا إلى نظام سويفت المصرفي العالَمي تُعيد الحيوية إلى قطاعَي الاستيراد والتصدير. هذا الانفتاح سيؤدي إلى تحسين حركة الإنتاج المحلي، وتنشيط الصناعات الوطنية، ويدعم قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات اللوجستية، ما يُعزّز الناتج المحلي الإجمالي.
قطاع الطاقة أيضًا سيشهد تحسنًا ملحوظًا، مع توقُّعات بدخول استثمارات جديدة في مجالات الطاقة البديلة والمحطات الحرارية. حاليًّا، تنتج سوريا نحو 2500 ميغا واط فقط من الكهرباء، في حين الحاجة الفعلية تبلغ 7000 ميغا، ومع تحسُّن الوضع يمكن مُضاعَفة الإنتاج وزيادة ساعات التغذية إلى نحو 12 ساعة يوميًّا.
الدول الصديقة لسوريا صارت قادرة على تقديم مساعدات مباشرة للدولة، بعد أن كان قانون قيصر يمنع أيّ تعاون رسمي مع الحكومة. وقد بدأت بعض الدول بتقديم دَعم فِعْلي، كما حصل على صعيد المؤسسات الدولية؛ حيث دفعت السعودية وقطر رسوم عضوية سوريا لدى البنك الدولي، والبالغة 15 مليون دولار، ما فتح المجال لتلقّي مساعدات مالية وتقنية.
من المتوقّع تحسُّن مستوى المعيشة؛ من خلال تحسين الخدمات العامة كالنقل والصحة والتعليم والكهرباء، وكذلك من خلال خَلْق فرص عمل جديدة وتراجع معدلات البطالة. كلّ ذلك سينعكس إيجابًا على الوضع المعيشي للأُسَر.
بالنسبة لسعر صرف الليرة، التحسن الحقيقي لن يكون ممكنًا قبل حدوث زيادة في الإنتاج والاستثمار والتصدير. وأيّ تحسن سريع قد يكون وهميًّا نتيجة مضاربات وعوامل نفسية، كما حصل سابقًا. لذلك، لا بد من ربط سعر الصرف بأُسُس اقتصادية واقعية لضمان استقراره.
رغم أهمية رفع العقوبات؛ إلا أن الأمر لا يكفي وحده، لا بد من إجراءات داخلية داعمة، مثل إصدار قوانين جديدة لتحفيز الاستثمار، وتقديم تسهيلات ضريبية، وضمان استقرار الليرة، ومعالجة التضخم. وحدها هذه السياسات ستجعل من رَفْع العقوبات نقطة تحوُّل حقيقية نحو التعافي والنمو المستدام.