شَارِك المَقَال

تعد تركيا وإيران من القوى السياسية الرئيسة في المنطقة. ومن الأقطاب التي تساهم في تحقيق التوازن السياسي والاستراتيجي. وعلى الرغم من أن توازن المنطقة يمكن وصفه بالتوازن القلق إلا أنه يحقق نسبياً شكلاً من أشكال الاستقرار. وعموماً فتركيا وإيران تنتميان إلى تيارات استراتيجية متباينة. فنقاط الخلاف قد تفوق نقاط الاتفاق. إلا أن توازن المنطقة يحتّم على الدولتين البحث عن مرتكزات الاتفاق.

 

ما أبرز محطات العلاقة بين تركيا وإيران؟

العلاقة بين تركيا وإيران محكومة بالتاريخ والجغرافيا. فالدولتان جارتان. وفي ذات الوقت تملكان تاريخاً طويلاً من الحروب والاتفاقات. فمعاهدة قصر شيرين الشهيرة عام 1639م بين الدولتين العثمانية والصفوية أنهت أكثر من 150 عاماً من الحرب. ووقّعت الدولتان 18 معاهدة خلال ثلاثة عقود.

الواقع الحالي للعلاقات التركية الإيرانية لا يمكن فصله عن السياق التاريخي. فالملفات الخلافية متعددة وحادة. وفي ذات الوقت تسعيان للبحث عن مرتكزات لبناء علاقات توازن وإن كان توازناً قلقاً.

 

ما أبرز نواتج القمة الثلاثية في طهران؟

لقاء رئيسي تركيا وإيران على هامش القمة الثلاثية في طهران. نتج عنه ثماني اتفاقيات. أهمها رفع قيمة التبادل التجاري بين الدولتين أكثر من ثلاثة أضعاف ليبلغ 30 مليار دولار سنوياً. إضافة لتمديد عقد تزويد تركيا بالغاز الإيراني لـ 25 سنة قادمة. وتأسيس شركات مشتركة. والتعاون في الصناعات الدفاعية والمجال الأمني.

ترى إيران في تركيا متنفساً اقتصادياً في ظل العقوبات الغربية عليها. كما تسعى لضمان حيادية تركيا في ظل محاولات تشكيل تحالف إقليمي ضدها. كما ترى إيران أن تعزيز التعاون الاقتصادي مع تركيا قد يشكل بديلاً نسبياً عن الاتفاق النووي. خاصة في ظل تراجع الآمال بنجاحه. فتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى قد يكون بديلاً اقتصادياً عن المنافع المرتبطة بالعودة للاتفاق النووي.

أما بالنسبة لتركيا فإن إيران تشكل عاملاً موازناً للدور الأمريكي. فالتقارب التركي الإيراني يشكل رداً غير مباشر على الجفاء الأمريكي تجاه تركيا. ورداً على التجاهل الأمريكي لمصالح تركيا الاستراتيجية ومخاوفها الأمنية من الخطر الكردي.

 

ما موقع القضية السورية من لقاء القمة الأخير؟

تعد سوريا إحدى أكثر القضايا الخلافية بين تركيا وإيران. فهما يقفان على طرفي نقيض سياسي وعسكري. وترى تركيا في قوات قسد تهديداً مباشراً لأمنها القومي. لا سيما أنها تتبنّى فكراً انفصالياً كما تعتمد بشكل رئيس على المكون الكردي. وهو السبب المباشر لرغبتها في شن عملية عسكرية في الشمال السوري.

تخشى إيران من العملية العسكرية التركية لناحية أنها قد تنزلق لصدام بين تركيا وحليفها الأسد. وهو ما قد يسبب ضغطاً إضافياً على النظام السوري غير المهيأ لهكذا صدام. لهذا تسعى لسحب الذريعة التركية وتحقيق أهداف تركيا بدون عملية عسكرية. من خلال الضغط على كل من النظام وقسد. لإبعاد قسد عن المناطق المستهدفة وإحلال قوات النظام مكانها.

لا يمكن وصف العلاقات التركية الإيرانية بالاستراتيجية. فهي لا تتجاوز المصالح التكتيكية. فالدولتان تبقيان في حالة تنافس. لكن الواقع الإقليمي والدولي والتموضع الاستراتيجي الحالي يحتّم عليهما القفز على الخلافات وإن كان بشكل آنيّ ومؤقّت. ويشكل الاقتصاد الحاضن الرئيس لهذا التوجه.

شَارِك المَقَال