ما هي #.. وهَلْ يُمكِن تَعْطيل العَمْل بها..
ما صِحَّة القَوْل بانْتِهائها.. وهَلْ يُمكِن أنْ نَشْهد تَوْقيع اتِّفاقِيّة جَديدة؟
أدَّت التوتُّرات الأخِيرة في #شَرْق_المُتوسِّط نَتِيجة اكتِشاف #الغَاز وبَدْء بعض الدُّوَل بالتَّنْقيب عنه إلى إعادة الحَدِيث عن #اتِّفاقِيّة_لُوزان، إضافةً لقَوْل البعض إنّها اتِّفاقِية لمدة 100 عام وستنتهي عام 2023م، فما هي #اتِّفاقِيّة_لُوزان وعَلامَ تَنصّ وما صِحَّة نِهايَتها القريبة.
أُبْرِمت #اتِّفاقِيّة_لُوزان بين #تُرْكيا وعَدد من دُوَل العالَم في #سويسرا بمَدينة #لُوزان عام 1923م، وأُلْغِيت بمُوجِبها #اتِّفاقِية_سيفر، ورَسمتْ هذه المُعاهَدة حُدود الجمهوريّة التُرْكيّة الحَالِيّة، باستِثْناء #لِواء_إسكندرون “هاتاي” الّذي ضُمّ عام 1939م، وتَتألَّف المُعاهدَة من 143 بند مُقسَّمة على أَجْزاء رَئِيسة.
تَنازَلت #تُرْكيا بمُوجِب الاتِّفاقِية عن أيّ مُطالَبة بالمَشرِق العَرَبيّ أو ب #قُبْرص أو ب #جُزُر_دوديكانيسيا اليونانِيّة مُقابِل اعتِراف المُجتَمع الدَّوْليّ بالدَّوْلة التُّرْكيّة كوَرِيث شَرْعيّ للسَّلْطنة العُثمانِيّة، كما نظَّمَت الاتِّفاقِية وَضْع المَضائِق ولم تَجْعل لأيّ دَوْلة سُلْطة عليها بل فَتحتْها أمام المِلَاحة العالَمية.
تَبايَنت الآرَاء تُجَاه #اتِّفاقِيّة_لُوزان في الدَّاخِل التُّركيّ بين مُؤيِّدٍ ومُعارِضٍ لها، ومنهم مَن رَآها مَكْسبًا لا سِيّما إذا ما قورنت ب #اتِّفاقِية_سيفر المُجْحِفة، ومنهم #حِزْب_الشَّعْب_الجُمْهوريّ، وآخَرون يَرَوْن بها تَقْييدًا ل #تُركِيا ولدَوْرها الاقتِصاديّ والسِّياسيّ، وأنَّها حَرَمت تُرْكيا من حُقُوقها ك #حَزْب_العَدالة_والتَّنْمية.
تَكْثُر الأقَاويل بأَنّ الاتِّفاقِية مدتها 100 عام وسيَنتهي مَفْعولها عام 2023م وبالتّالي ستَكُون #تُركيا في حِلّ من أيّ التِزامات تُوجِبها #اتِّفاقِيّة_لُوزان، وقد تُطالِب #تُرْكيا بأراضٍ ومِياه إقلِيمِيّة لا تَخْضع لها حالِيًا، وهذا ما يُداعِب المَشاعِر القَوْمِيّة لبعض الأَتْراك.
يَرى المُتأمِّلون بنهاية الاتِّفاقِيّة أنّ #تركيا ستَعُود قُوّة عَالَميّة عُظْمى كما كانت إبَّان #الحُكْم_العُثمانيّ، مُستنِدين في هذه الاعتِقادات على بعض الأدِلّة كحديث #الرَّئِيس_أَرْدوغان عن أهْدَاف عام 2023 ومُصطلَح الجُمْهوريّة الثَّانِية الّذي يَحْلو لبعض المفكِّرين والكُتّاب استِخدامه.
إنَّ الأَمل بانِتهاء #اتِّفاقِيّة_لُوزان وعَوْدة #تُرْكيا كقُوّة عالَميّة عُظْمى لا يَمُتّ للمَنْطِق بِصلَة ولا يَعْدو كَوْنه آمَالًا لن تَتحقَّق وذلك لعِدّة أسباب، أوَّلها أنّ الاتِّفاقِيات الدَّوْلية بِرُمّتها ليس لها مُدَّة، فهي سارِية المَفْعول لحِين اتِّفاق الأَطْراف المُوقِّعة على نَقِيض ذلك، وفي حال حُدِّدت بزَمَن ما تُصبح أَقْرب للهُدْنة منها للاتِّفاقِية.
كما أن اتِّفاقِية تَرْسيم حُدُود دَوْلة لا يُمكِن نَقْضها، ففي حال عَدَم الاعتِراف بها يَحِقّ للآخَرين أيضًا المُطالَبة بما يَرَوْنه من حَقِّهم ضِمْن الحُدُود التُّركية الحالِيّة، فمِن شَأْن هذا الطَّرْح أن يُدخِل العالَم في حالَة فَوْضى فيما لو تَحقَّق.
إنّ تَسْويق فِكْرة أنّ #الدَّوْلة_التُّرْكية قد تُنْهي التِزامها ب #اتِّفاقِيّة_لُوزان وتَتحرَّر مِن أيّ حُدُود أو قُيود حَالِية يُسِيئ لهذه الدَّوْلة ولحُكُومتها، ويُصوِّرها على أنّها لا تَحترِم المُعاهَدات والاتِّفاقِيات الدَّوْلية، لا سِيّما أنَّ هذه الاتِّفاقِيّة وُقِّعت بِناءً على رِضَا مُمثِّلي الدَّوْلة آنَذاك.
يُشكِّل الأمَل بعَوْدة #تُرْكيا قُوّة عالَميّة عُظْمى حُلْمًا جميلًا يَسرّ جَمِيع الأتراك، إلّا أنّه مُستحِيل التَّطْبيق، فلا الظُّرُوف الدَّوْلية ولا السِّياسِيّة والاقتِصاديّة تَسمَح بهذا الأَمْر، فهناك مَعايِير أَساسِيّة تَتحكَّم فيما إذا كانت الدَّوْلة عُظْمى أم لا، كالمِساحَة وعَدَد السُّكّان وحَقّ النَّقْض وامْتِلاك #السِّلاح_النَّوَويّ وغيرها.
تُشكِّل #تُركيا في الوَقْت الحَاليّ قُوّة إقلِيمِيّة رَئِيسة، ويَتَنامى دَوْرها العالَميّ، ولكِنّ الواقِعيّة تُحتِّم الاعتِراف بأنّ تَنامِي دَوْرها العالَميّ له حُدود سيَقف عندَه، إلّا أنّ دَوْرها الإِقلِيميّ قد يَشهَد تَطوُّرات لاحِقة بما يُعزِّز حُضُورها السِّياسيّ والاقتِصاديّ.
وهُنا قد تُثَار بَعْض الأسئِلة، ما التَّفْسير السِّياسيّ وما الدَّلَالة الإِسْتراتيجِيّة للتَّحرُّكات التُّرْكية في المِنطَقة وفي #أَفْريقيا، هل هي مُجرَّد استِعراض للقُوَّة أَمْ أَنّها أَحْداث تَشِي بمُتغيِّرات إِسْتراتِيجيّة قد نَشْهدها في السَّنَوات والعُقُود القادِمَة، لا سِيَّما أنّ تَصْريحات السَّاسَة الأَتْراك تُؤكِّد أنَّ #تُرْكيا لن تَقْبل بدَوْر مُتواضِع إقلِيميًّا ودَوْلِيّا.
قد يَكُون تَراجُع الدَّور الأَمْريكيّ في المِنطَقة قد فَتَح المَجال لدَوْرٍ تُرْكيٍّ مُتَنامٍ، لا سيّما أنّ #الانتِخابات_الأَمْريكِيّة عادةً ما تَترافَق بتَراجُع نِسْبيّ للدَّوْر الخارِجيّ، كما أنَّ #تُرْكيا ترى أنَّ الأَوْضاع الإقْلِيميّة والدَّوْلية الحالِيّة تُعتبَر مُواتِية لتَحْصيل بعض المَكاسِب الإِسْتراتيجِيّة، وخاصَّة أنَّ احتِمال خُروج #اليُونان من #الاتِّحاد_الأوروبيّ لَيْس مُستبعَدًا في السَّنَوات أو العُقُود القادِمة.
ربَّما تَعتقِد #تُركيا أنّ وُقوف #الاتِّحاد_الأُوروبيّ مع #اليُونان في نِزاعها مع تُرْكيا على الحُدود المائِيّة لن يَكُون بعيدَ المَدى، لا سيّما أنّ اليُونان عادةً ما كانت عِبئًا على الاتِّحاد الأُوروبيّ وعَلَاقتها معه غالِبًا ما كانت تَنْبع من أَساس تَاريخيّ وقِيمة عاطِفيّة لليُونان أَكْثر منها عَلَاقة مَصْلحة مُتبادَلة.
لا شَكّ أنَّ شَكْل الصِّراعات الحالِيّة والإقْليميّة سيَتبدَّل في السَّنوات القادِمة، كما أنَّ خريطَة المَصالِح والتحالُفات الإِسْتراتيجِيَّة العالَميّة قد تَشْهد تَغيُّرات جَذْريّة، لذلك فمِن غير المُستبْعَد أنْ تَستعِيد تُرْكيا السَّيْطرة على بعض الجُزُر القَرِيبة منها، كما قد نَشْهد تَوقِيع اتِّفاقيّة بَدِيلة لِلُوزان تُعِيد رَسْم وَجْه المِنطَقة.
لكن أيّ اتِّفاقيّة جَديدة ستَكُون بناءً على اتِّفاق تُرْكيّ مع اللَّاعبِين الرَّئِيسِين في المِنْطقة والعالَم، ومن غَيْر المُتوقَّع أن نَشْهد انْسِحابًا أُحادِيًّا لتُركيا من هذه المُعاهَدة كما يُروِّج البَعْض، فهذا يُسِيء للدَّوْلة التُّركِية، فعلى الأَغْلب أنّ أيّ اتِّفاقٍ جَديد سيَكُون له صِبْغة دَوْليّة وتَوافُق أُمَميّ.