شَارِك المَقَال

تعتبر  الشركات العابرة للقارات أو للقوميات إحدى أبرز سمات عالم الأعمال الدولية الحالي. تمثل نهاية الحرب العالمية الثانية في الواقع نقطة البداية الفعلية لظهور هذا النمط من الشركات. وما زالت هذه الشركات في نمو وتطور مستمر حتى وقتنا الحالي، ومن المتوقع أن يزداد دورها في العقود القادمة.


ظهور الشركات العابرة للقارات

تتعدد الأسباب المؤدية لظهور هذا النمط من الشركات. فمنها تشبع أسواق الدول المتقدمة، فسوق السجائر على سبيل المثال شهد ركودًا في الولايات المتحدة ممّا دفع شركات التبغ الأمريكية لفتح فروع لها في الدول الأخرى لا سيما الصين. ولذلك فإن واحدة من كل ثلاث سجائر في العالم يتم تدخينها في الصين.

ومن أسباب ظهورها أيضا ضعف المنافسة في أسواق الدول النامية وظهور أسواق جديدة وظهور الاتجاه العالمي للأعمال. والاستفادة من وفورات الحجم، هذه الأسباب وغيرها أدت لظهور هذا النمط من الشركات وتناميها المضطرد والمستمر.

يزداد تأثير هذه الشركات في الاقتصاد العالمي، فحاليًا هناك 500 شركة عابرة للقوميات تزيد مبيعاتها السنوية عن 14 بليون دولار. كما تنتج 600 شركة عابرة للقوميات أكثر من ربع الإنتاج العالمي الكلي، فهي المسيطر الفعلي على الاقتصاد العالمي.


مزايا وعيوب الشركات العابرة للقارات

تحقق العديد من الشركات العابرة للقوميات مبيعات سنوية تزيد عن الدخل القومي للعديد من الدول. فالمبيعات السنوية لكل من شركة وول مارت وإكسون موبيل على سبيل المثال تتجاوز 350 مليار دولار. بينما الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول لا يصل لهذا الرقم، كاليونان وتونس وعمان والعديد من الدول الأخرى.

قدمت الشركات العابرة للقوميات مزايا عدة للدول النامية. كنقل التكنولوجيا الحديثة ووسائل الإدارة العصرية ورفع مستوى التوظيف والمساهمة في تكوين رأس المال وتحسين ميزان مدفوعات الدول. إلا أن التقييم غالبًا ما يحاول تعظيم هذه المنافع والتغاضي عن السلبيات التي تسببها.

تسبب الشركات العابرة للقوميات مضار عدة للدول المضيفة لها، كالتسبب بالتبعية الاقتصادية على سبيل المثال. والإخلال ببرامج التنمية الاقتصادية، وتعزيز ثقافة الاستهلاك على حساب ثقافة الإنتاج. إضافة إلى ذلك تدخل حكومات الدول الأم للشركات في سياسات الدول المضيفة، وتشويه الثقافة المحلية.

تسبب الشركات العابرة للقوميات بطالة قطاعية في الدول المضيفة لها، كما يحدث مع شركة أوبر العالمية للنقل. ممّا أدى إلى تضيق السوق على سائقي التاكسي. علاوة على أنها تستنزف الموارد المالية من خلال اشتراكات سنوية تحول للخارج وبدون تقديم أي قيمة مضافة للاقتصاد المحلي.

كما تسعى هذه الشركات لتغيير العادات المحلية بما يساعد على مضاعفة أرباحها مستفيدة من ضعف تشريعات حماية المستهلك. كالترويج للمشروبات الكحولية على سبيل المثال والتدخين والألبان المجففة وغيرها. كما يشكل المراهقون السوق الأهم لهذه الشركات.

غالبًا ما تحقق هذه الشركات عوائدها من استثمار الموارد الطبيعية والبشرية للدول المضيفة. وتنقل هذه الأرباح إلى الخارج مع حصص زهيدة للدول المضيفة. ولذلك تتعزز الهوة الحضارية والمالية بين الدول المتقدمة و بين الدول النامية.

شَارِك المَقَال