اتخذت فنزويلا الخطوة التالية في صراعها مع جارتها جيانا بشأن إقليم إسكويبا الغني بالنفط، فبَعْد استفتاء داخليّ حول ضمّ الإقليم، بدأت شركات النِّفط المَمْلوكَة للدَّوْلة التَّنْقيب عن النِّفط، كما تمّ تَعْيين الجنرال أليكسيس رودريغيز كابيلو رئيسًا للمنطقة، وهو ما يُنْذِر باقتراب الحرب بين البلدين.
وتُشِير المُعطَيات إلى أنّ كاراكاس، المَدْعومة من روسيا وإيران وكوبا، تَتَفوَّق عسكريًّا على جيانا؛ حيث يَبْلغ عدد الجيش الفنزويليّ 123 ألف جنديّ، مقابل 3,400 جنديّ فقط في جيش جيانا، كما تمتلك فنزويلا 514 مركبةً مُدرَّعةً مقارنةً بستِّ مركباتٍ فقط مملوكة لجيانا، إضافةً إلى امتلاك فنزويلا 24 طائرةً مُقاتِلةً روسيَّةً من طراز سوخوي سو 30 نصفها على الأقلّ صَالِح للطَّيران.
لكنّ ما يَعُوق فنزويلا من بَدْء الحرب هي الحدود الطَّبيعيَّة بينها وبين جيانا، فجزءٌ كبيرٌ من الحدود بين البلدين -التي يبلغ طولها 800 كيلومترٍ- عبارة عن غاباتٍ كثيفةٍ، ما يَجْعل من الصَّعْب اختراقها إلَّا بالوحدات الصَّغيرة، فمن المُستحيل استخدام المَرْكبات المُدرَّعة في التَّضاريس الاستوائيَّة والمستنقعات.
في تلك الحالة ستكون فنزويلا مُضطرَّة إلى الهجوم الجوِّيّ على المراكز الحضريَّة القليلة في إسكويبا، والإنزال البرمائيّ في منطقة البحر الكاريبي، وهو ما قد يُغْضِب دُوَلًا أخرى مثل البرازيل، التي تمتلك جيشًا أقوى من الجيش الفنزويليّ، والتي كثَّفَت من إجراءاتها الدِّفاعيَّة على طول حدودها الشَّماليَّة؛ لمَنْع مثل هذا الإنزال.
أَضِف إلى ذلك أنّ تفكير جيانا في طَلَب الدَّعْم العسكريّ من الولايات المتَّحدة لمُواجَهة فنزويلا علامةٌ على تَدْويل الأزمة وخروجها عن نطاق السَّيطرة وتَفْجير أزمات وتَوَتُّرات جيوسياسيَّة لا تَرْغب فيها دُوَل أمريكا اللَّاتينيَّة، التي تُحاوِل النَّأي بنفسها عن أزمات العَالَم المُتلاحِقة؛ أملًا في حصَّة من الاستثمارات الهَارِبة بحثًا عن ملاذٍ آمِن.
وعلى كلّ حالٍ، فالعَالَم لا يَرْغب في أزماتٍ جديدةٍ تُقَوِّض آمال الاستثمار والنُّموّ الاقتصاديّ الذي لا يزال يَبْحث عن مُتنفَّسٍ له منذ أزمة كوفيد-19، لكن يبدو أنّ بعض قادة هذا العَالَم لا يَسْعَوْن إلا لخَلْق مزيدٍ من الأزمات.