التصدع داخل المجتمع الإسرائيلي يعد أكبر خسائر إسرائيل من عدوانها الغاشم على غزة. والذي لا يهدد استقرارها على المديين القريب والمتوسط فحسب. بل يهدد فكرة بقائها من الأساس.
تكمن خطورة هذا التصدع في أنه خلاف على هوية الدولة نفسها. بين قومية دينية متطرفة يمثلها اليمين المتطرف. وأخرى علمانية برجماتية تسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية الممكنة مقابل العيش بسلام وسط جيرانها. وبين هذا وذاك رئيس وزراء محسوب على اليمين. ولا يريد أن يغضب العلمانيين الأقرب للولايات المتحدة. ليظل أطول فترة ممكنة في الحكم. خشية ملاحقات قضائية تهدده بقية حياته.
في الحقيقة الخلاف بين الجانبين ظهر أول مرة قبل العدوان على غزة. بسبب تدخل رئيس الوزراء بإيعاز من حلفائه في اليمين المتطرف لتحييد القضاء. وهو ما اعتبره الفريق الثاني انتكاسةً عن مبادئ الديمقراطية والعلمانية.
لكن مع اندلاع العدوان ظهر التصدع مرة أخرى حين سعى اليمين إلى استغلاله لحالة شيطنة حماس في المجتمع الإسرائيلي. ليقرر تحويل المواجهة بين حماس وإسرائيل إلى مواجهة بين اليهودية والإسلام. وهو ما ظهر جلياً في تصريحات نواب اليمين ووزرائه في الحكومة. ودعوتهم لطرد الفلسطينيين من غزة. وتسريع حركة الاستيطان في غزة. وهي أيضاً رؤية يرفضها الفريق الآخر.
من جهة أخرى ومع تكاليف الحرب الباهظة ظهر مشهد ثالث للخلاف. فمع تضاعف العجز في الميزانية يرفض اليمين المتطرف التخلي عن المزايا المالية التي حصل عليها كجزء من الاتفاقية التي شكلت حكومة نتنياهو في عام 2022م. والتي يتم إنفاقها لصالح مؤسساتهم وقضاياهم المفضلة.
في النهاية هذا الخلاف الكبير ليس فقط على مستوى القادة وزعماء الأحزاب في إسرائيل. بل وصل إلى قواعده الشعبية. لدرجة تهدد وجود هذا الكيان من الأساس. خاصةً مع فقدان الدعم العالمي وتدهور سمعة الكيان بسبب المجازر التي ارتكبها في غزة.