مشاركة

في العادة تحتاج الطبيعة إلى عدد كبير من السنوات لصُنْع قطعة ألماس واحدة. ولكن الصين اليوم تتحدَّى هذا، وتصنّع 20 مليون قيراط في أسبوع واحد فقط. الرقم يبدو مجرد إنجاز تقني، لكنّه فصل جديد من الحرب الاقتصادية التي تُعيد رَسْم موازين القوى في العالم.

 

بكين اختصرت رحلة الطبيعة لـ7 أيام فقط؛ فالعملية التي كانت تحتاج إلى ضغط وحرارة في أعماق الأرض، تُنفَّذ اليوم داخل معامل عصرية، والظروف هناك مضبوطة، الحرارة والضغط محسوبة بدقة. والألماس الصناعي الصيني يتمتع بدرجات نقاء وصلابة تقارب الطبيعي، وبعض الأنواع منه تفوقه صلابةً بنسبة 40%.

 

السوق العالمي للألماس يُقدَّر بحوالي 100 مليار دولار، دخل اليوم مرحلة اضطراب غير مسبوقة، مع تراجُع الأسعار أعاد صياغة صناعة عمرها قرون. والقيمة التي بُنِيَتْ على النُّدْرة تبيَّن أنها كانت مصطنعة؛ لأن الصين اليوم تسيطر على 70% من إنتاج الألماس الصناعي للمجوهرات، والمصانع فيها تشتغل بلا توقف. والمعامل الصينية تُحوِّل الكربون لأحجار بوزن حوالي 3 قراريط.

 

التكنولوجيا التي طوَّرتها بكين كسرت قاعدة الاحتكار، وأعادت توزيع القوة الاقتصادية؛ لأن إنتاج 20 مليون قيراط بـ7 أيام فقط، يعني إلغاء المنافسة. والألماس الصناعي يبدو متشابهًا في الشكل، ولكنّ قيمته تختلف عن الطبيعي؛ فالعمر والتاريخ الجيولوجي يعطي الألماس الطبيعي مكانةً فريدةً لا تُحقّقها المعامل.

 

لكن السؤال: لماذا استثمرت الصين كل هذا الجهد بصناعة الألماس؟

الألماس الصناعي ليس للزينة فقط، بل هو سلعة إستراتيجية تدخل في الصناعات الكبرى من الإلكترونيات المتقدمة وأشباه المُوصِّلات إلى الطب والبحث العلمي، حتى التطبيقات العسكرية. بكين اليوم تبني شبكة تكنولوجية واسعة، والألماس جزء أساسي من قوتها المستقبلية.

 

القصة ليست عن الألماس فقط، القصة كيف تكسر التكنولوجيا الأساطير، وتُعيد تعريف القيمة. الصين أثبتت أنها قادرة على الدخول إلى أيّ سوق؛ فتكسر الاحتكار، وتُعيد رسم موازين القوى.

 

يبقى السؤال: ما موقف الدول الصناعية من هذا الواقع الجديد؟ هل بقي أيّ مجال للمنافسة؟ أم وصلنا لمرحلة القبول بالهيمنة الصينية على التكنولوجيا والإنتاج؟

مشاركة