يعد الغزو الروسي لأوكرانيا الحدث الأهم في العالم على الإطلاق. وفور بدئه ترك آثاراً مباشرة وفورية على الواقع الاقتصادي والسياسي في العالم. وتختلف حدة التأثر بين دولة وأخرى. ولكن لا توجد دولة بمعزل عن هذا التأثير. وهنا قد يكون التساؤل: هل سيؤثر الغزو الروسي لأوكرانيا على الانتخابات التركية المقبلة؟
تعد الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة الحدث السياسي الأهم في تركيا. ومن المتوقع أن تشهد منافسة حادة بين العدالة والتنمية والمعارضة. وتقع هذه الانتخابات بين جملتين من المؤثرات. الأولى داخلية والأخرى خارجية. ويتباين تأثيرها بين المعارضة وحزب العدالة والتنمية.
المؤثرات الداخلية ترتبط بشكل مباشر بالواقع الاقتصادي التركي الذي يعاني حالياً من جملة من الضغوط. وهذه الضغوط الاقتصادية تعد في صالح المعارضة. وتعد عاملاً ضاغطاً على العدالة والتنمية. وهنا يظهر أثر الغزو الروسي لأوكرانيا من حيث انعكاسه على الاقتصاد التركي.
في الحقيقة سبّب الغزو الروسي تراجعاً في المؤشرات الاقتصادية العالمية وارتفاعاً حاداً في أسعار حوامل الطاقة. وهذا الأمر سيزيد عجز الميزان التجاري وسيشكل عاملاً ضاغطاً على الليرة وعلى التضخم. وهذا الأمر ليس في صالح العدالة والتنمية. فالجمهور لا يهتم بأسباب التراجع الاقتصادي بل يهتم بالنتائج. فهو يرى أن الحكومة مسؤولة عن التراجع بغض النظر عن ما إذا كانت هذه الأسباب داخلية أو خارجية.
من جهة أخرى تعد كل من روسيا وأوكرانيا شريكاً اقتصادياً مهماً لتركيا. فالحرب ستُضعف كلتا الدولتين اقتصادياً وهو ما سينعكس سلباً على الاقتصاد التركي. وبالتالي سيكون عاملاً ضاغطاً على العدالة والتنمية أيضاً وفرصة إضافية للمعارضة لمحاولة استثمار الضغط الاقتصادي الناتج عن الحرب لصالحها.
من ناحية أخرى وفيما يتعلق بالتأثيرات الخارجية للغزو على الانتخابات التركية. فلا بد من الاعتراف بأن الغرب خذل أوكرانيا. فعلى الرغم من العقوبات الغربية القاسية على روسيا إلا أن ردة الفعل الغربية لا ترقى لحجم الغزو. وبالنهاية فإن أوكرانيا تجد نفسها في مواجهة الجيش الروسي وحيدة. وهذا الأمر يعزز موقف أردوغان نسبياً كونه لم يرتكب خطأ القيادة الأوكرانية في الاعتماد على الغرب.
كما يعد الشعب التركي بالغ الحساسية للتدخلات الأجنبية في السياسة التركية الداخلية. فخلال حملة بايدن الانتخابية صرّح بأنه سيدعم المعارضة التركية. وهو ما شكّل إحراجاً لها كونها ظهرت بمظهر المعتمد على الغرب في النجاح في الانتخابات. وهذا الأمر يعد في صالح أردوغان لكونه يظهر بمظهر الرئيس الوطني في مقابل معارضة معتمدة على الخارج.
في النهاية أظهر الغزو الروسي هشاشة الاعتماد على الغرب. وهو ما يصب في صالح أردوغان الذي تعامل معهم بندية ولم يعتمد عليهم في حماية تركيا. لذلك فمن الناحية السياسية يمكن القول بأن الغزو الروسي كان في صالح العدالة والتنمية. ولكن من الجانب الاقتصادي يعد الغزو الروسي في صالح المعارضة لكونه يضغط على الاقتصاد التركي.