يعد تزويد أوكرانيا بطائرات F16 خطوة على طريق التغيير في طبيعة الصراع بين موسكو وكييف. إلا أن هذا القرار من شأنه تعقيد المشهد السياسي. خاصةً في ظل عدم وضوح الرد الروسي. وهو ما يعد تطوراً مهماً وخطيراً في مجرى الحرب.
طائرات F-16 طائرات نفاثة ذات محرك واحد. صنعت في السبعينيات لأول مرة. وهي طائرة متعددة المهام. من المتوقع أن تكون الطائرات المقدمة لأوكرانيا من الإصدارات القديمة التي كانت موجودة في أساطيل حلفاء الولايات المتحدة. وخاصةً في أوروبا الغربية. وهي ليست الأقدم ولكنها طائرات خضعت لبرنامج “ترقيات منتصف العمر”.
من جهة أخرى فإن الطائرات السوفيتية القديمة التي تمتلكها أوكرانيا تتطلب من الطيارين إجراء العديد من المهام. مثل قيادة الطائرة. والالتفاف وتغيير الاتجاهات. ناهيك عن توجيه السلاح نحو الهدف. وهو ما يصرف تركيز الطيار عن الهدف الرئيس.
بالطبع أولى تلك العقبات: تدريب الطيارين الأوكرانيين على الجيل الرابع من الطائرة المقاتلة. وهو تدريب يستغرق من 4 إلى 6 شهور. ثاني العقبات: مدى جدية والتزام بعض الدول للتبرع بالطائرات التي طورتها الولايات المتحدة مثل هولندا وبلجيكا والدنمارك.
ثالث العقبات: ضرورة توفير مجموعة متكاملة من الأنظمة. والتي يجب بناؤها لتجهيز الأطقم للقتال وإقلاع الطائرات عن الأرض. رابع العقبات: مسألة تخزين طائرات F16. فروسيا قد تستهدف الطائرات في قواعدها.
خامس العقبات: القدرة على توفير الذخيرة. فالذخيرة الغربية باهظة الثمن. وهذا يعني أن الدعم الغربي لن ينتهي بتزويد كييف بالطائرات. بل سيستمر بالذخيرة. وهو ما يجعل بعض الدول تحجم عن تقديم الدعم بالذخيرة.
في الواقع يمكن أن تكتفي أوكرانيا باستخدام الطائرة في المراقبة والدفاع عن مجالها الجوي. كما يمكن أن تساعدها في الدفاع عن نفسها على المدى الطويل. ولكنها أيضاً قد تكون قادرةً على الوصول إلى موسكو. وتوجيه ضربات موجعة.
من المتوقع أن تسهم الطائرات في السيطرة على أجواء المعركة. فروسيا تستخدم بشكل أساسي نسخاً حديثة من الطائرات السوفيتية في أواخر الحرب الباردة. مع التركيز على إطلاق صواريخ جو-جو بعيدة المدى. وهو ما تتفوق فيه طائرات F16 .
في الحقيقة يرتبط بطء اتخاذ القرار بعدة اعتبارات. الأول أن هناك عدداً قليلاً من الدول لديها فائض من تلك الطائرات. بل إن قرار التصدير نفسه يلزمه موافقة الولايات المتحدة. ناهيك عن الأزمة المالية التي تضرب دول أوروبا. والتي تجعلها أكثر “بخلاً” عن التبرع بتلك الطائرات بدون مقابل.
هولندا على سبيل المثال لديها حالياً 24 طائرة قيد الاستخدام. وحين قررت الاستغناء عنهم قررت تحويلهم للبيع. كما تمتلك 18 طائرة إضافية لم تعد مستخدمة. ولكن أيضاً قررت بيعهم لشركات خاصة.
الاعتبار الثاني: وجود مخاوف أمريكية من سقوط الطائرة أمام الدفاعات الجوية الروسية. وفشل هذا الجيل من طائرات F16يعني سقوط هيبة الطيران الأمريكي الذي سيطر على سماء المعارك لسنوات طويلة.
في النهاية إن حصول أوكرانيا على طائرات F16 يظل خطوةً “منقوصة” على طريق النصر. ويلزمها تغيير كبير في سياستها وبرامجها الدفاعية. وتأسيس في بنيتها التحتية. وتدريب لطياريها. وتغيير لثقافة جيشها بعد عقود طويلة من الأفكار السوفيتية إلى الأفكار الغربية. وهو أمر يلزمه وقت طويل حتى تظهر آثاره.