يعتبر التضخم من أكثر المؤشرات الاقتصادية السلبية انتشاراً. فغالبية الدول تعاني منه وإن كان بنسب متفاوتة. فمنها ما يكون في حدود مقبولة وفي أخرى يكون مرتفعاً. مقابل دول تعاني من تضخم مرتفع الحدة وهو الذي يسمى بالتضخم الجامح.
يعرف التضخّم على أنه الارتفاع المستمر في مستويات الأسعار السائدة. ويقاس بشكل شهري أو سنوي. والشائع هو التضخم السنوي. ويحسب معدل التضخّم بحساب معدل التغير في الأسعار الحالية مقارنة بالأسعار السابقة. وقد يقاس بالنسبة للسنة السابقة أو بالنسبة لسنة محددة تسمى سنة الأساس.
يظهر أثر التضخّم من خلال انخفاض قيمة النقود. فكمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بوحدة النقود تنخفض بذات النسبة التي يرتفع بها التضخّم. فمثلاً إذا كان سعر كيلو الخبز 100 ليرة في سنة ما وكان معدل التضخم 10%. فسيكون سعر ذات الكيلو من الخبز في العام القادم 110 ليرات. فالسلعة ذاتها لكن سعرها ارتفع,
في الحقيقة لم يرتفع السعر لكن قيمة العملة انخفضت. وفي ذات الصدد إذا كان لديك 100 ليرة حالياً مع معدل تضخم 10% فستكون قيمتها في العام القادم تساوي 90 ليرة. فالمبلغ بقي على حاله لكن قدرته على الشراء انخفضت.
يسبب التضخم في حال ارتفاعه إعاقة حقيقية للاقتصاد. وإذا بلغ مستويات محددة قد يسبب شللاً اقتصادياً وتوقفاً للدورة الاقتصادية. فمثلاً إذا بلغ التضخّم نسبة 30% فأي استثمار يحقق عائداً أقل من 30% هو استثمار خاسر. فإذا كان استثمار ما يحقق عائداً قيمته 25% سنوياً في ظل تضخم 30% فإن هذا الاستثمار يخسر في الحقيقة 5% سنوياً. لأنه يكسب 25% من جهة لكنه يخسر بفعل التضخّم 30%.
في الحقيقة تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى التضخم. ومن أهمها زيادة المعروض النقدي لا سيما عن طريق التمويل بالعجز من خلال المبالغة بإصدار العملة. وهذا الأمر تقوم به العديد من الدول. ويلاحظ هذا الأمر بوضوح في اقتصاد النظام السوري الذي اعتمد خلال السنوات السابقة بشكل رئيس على طباعة الليرة بدون رصيد إنتاجي.
بصورة شاملة لا توجد إحصائيات موثوقة لنسب التضخم في سوريا خلال السنوات السابقة. إلا أنه ووفقاً لبعض التقارير الغربية فقد تجاوز في بعض السنوات 250%. وهي نسبة مرتفعة جداً وتشكل تهديداً اقتصادياً واجتماعياً.
من جهة أخرى يوجد انخفاض حاد وكبير جداً في قيمة الليرة السورية نتيجة التضخّم. فرواتب الموظفين الحكوميين ارتفعت من حيث الرقم خمسة أضعاف لكن قيمتها الشرائية تدهورت. فحالياً وسطي الرواتب 50,000 ليرة. لكن هذا الرقم لا يشتري إلا جزءاً بسيطاً من السلع التي كانت تشتريها 10,000 ليرة عام 2011.
للتضخّم آثار اجتماعية عديدة. إضافة للآثار الاقتصادية كالفقر وتضرر الطبقة الوسطى وحتى زوالها. ففي سوريا تسبب التضخم في زوال الطبقة الوسطى بشكل شبه كامل. وتحول غالبيتها الساحقة للطبقة الفقيرة. فالفقر في سوريا يتجاوز 92% وفقاً للتقارير الأممية. ويبلغ في مناطق سيطرة النظام 98%. والتضخّم يعتبر أحد أسباب ذلك.
في النهاية لا يمكن الحديث في أي دولة عن تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي في ظل مستويات مرتفعة للتضخّم. فمن شأن التضخم تعطيل أي سياسة اقتصادية أو اجتماعية. لذلك لا بد وكخطوة أولى من معالجة التضخّم أو تخفيف حدته قبل البدء بأي معالجة.