بعد تفشي جائحة “كورونا” عالمياً في 2020م توسعت دول العالم في قرارات الإغلاق الاقتصادي لتفادي المزيد من انتشار الفيروس. نتيجة لذلك هبطت أسعار النفط بصورة ملحوظة. ورغم استمرار الوباء إلا أنه من المتوقع أن يشهد الطلب العالمي على الذهب الأسود قفزة كبرى.. والسؤال هنا: كيف سيشهد الطلب على النفط قفزة كبرى في الشهور المقبلة؟
ما نتائج التعافي السريع لغالبية الاقتصادات العالمية؟
إن التعافي السريع من “كورونا” في غالبية الاقتصادات العالمية بسبب التوسع في توزيع اللقاحات. بناء على ذلك سيعجّل بصورة أكبر عودة النشاط الاقتصادي حول العالم بكامل طاقته. خصوصاً لمحاولة تعويض خسائر الفترة الماضية. وهذا ما سيجعل الأسواق في حاجة متزايدة لموارد الطاقة. وسينعكس هذا مباشرة على الطلب على النفط.
ارتفاع الطلب على النفط عزّز أسعار الذهب الأسود في الأسواق العالمية. من هنا قفز في نهاية يونيو 2021م إلى أعلى مستوياته منذ شهر أكتوبر 2018م مواصلًا صعوده المتوالي. في أطول سلسلة مكاسب أسبوعية متتالية يحققها منذ ديسمبر الماضي 2020م.
ما أسباب زيادة الطلب العالمي على النفط؟
في الواقع التحسن في الطلب العالمي على النفط يستند بشكل رئيس على توسع حملات توزيع اللقاحات عالمياً. ويمكن ملاحظته في تعافي الطلب في أوروبا والصين والولايات المتحدة الأمريكية. والتي تشهد بالفعل قفزة في الطلب على الوقود بسبب رواج موسم الرحلات الصيفية في البلاد.
لكن الزيادة الكبيرة في الإنتاج الصناعي في هذه الدول ليست السبب الوحيد في ارتفاع الطلب. فهناك أيضًا الجفاف الذي أصاب أجزاءً من أمريكا اللاتينية وغرب الولايات المتحدة. وبلوغ صادرات كوريا الجنوبية مستويات تاريخية. وموافقة الاتحاد الأوروبي على فتح الأجواء للطيران بدءًا من يوليو.
من الأسباب الأخرى لارتفاع الطلب العالمي على النفط قرب تلاشي تخمة المعروض من الخام التي نشأت مع تفشي “كورونا”. والتي تزامنت مع توقف النشاط الاقتصادي وانخفاض الطلب. بل وستتقلص المخزونات سريعًا في النصف الثاني من 2022م. وما يدعم ذلك الإعلان عن انخفاض كبير في مخزونات النفط الأمريكية.
لذلك هبطت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة في منتصف يونيو 2021م في خامس انخفاض أسبوعي على التوالي. بينما انخفض إجمالي المخزونات التجارية لحوالي 465.6 مليون برميل. ما يعد أدنى مستوى منذ الأسبوع المنتهي في 27 مارس 2020م. في علامة قوية لمستويات السحب والطلب في الولايات المتحدة.
بحلول نهاية يوليو 2021م ستكون مخزونات النفط الخام في الدول المتقدمة أقل من المتوسط خلال عامي 2015-2019م. وهو معيار رئيس لدول التحالف. لكن في الفترة بين سبتمبر وديسمبر 2021م ستتراجع هذه المخزونات بوتيرة متسارعة تزيد على مليوني برميل يومياً.
ما موقف “أوبك+” من زيادة إنتاج النفط؟
من جهة أخرى أقرت دول “أوبك+” في اجتماعيها الأخيرين في أبريل ويونيو 2021م زيادة تدريجية في الإنتاج. على وجه التحديد بواقع 350 ألف برميل في مايو و350 ألف برميل في يونيو و400 ألف برميل في يوليو. واتفقت على عودة 2.1 مليون برميل يومياً تدريجياً إلى السوق بحلول يوليو لتقلص الخفض لـ5.8 مليون برميل يومياً.
ومع عدم اليقين بشأن مستقبل الجائحة فإن قرار “أوبك+” الإبقاء على استقرار الإنتاج هو الخيار الأكثر ملاءمة. خصوصاً لحماية السوق من المخاطر المتوقعة مستقبلًا. والمتمثلة في احتمالية تجدد تفشي “كورونا” وتجديد الاتفاق النووي الإيراني- الأمريكي. وما سيعقبه من تدفق الصادرات النفطية من طهران.
لكن بنهاية 2022م سيكون على دول “أوبك+” ضمان تدفق إمداداتها بما يعادل 1.4 مليون برميل يومياً. زيادة على هدفهم الحالي خلال الفترة بين يوليو 2021م ومارس 2022م. لتلبية الطلب العالمي الذي من المتوقع نموه بمقدار 6 ملايين برميل يومياً إلى نحو 96.5 مليون برميل العام الجاري بزيادة 6.6%.
ومن المتوقع أن يسجل ارتفاع متوسط الطلب على النفط في بلدان خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نحو 6.8%. وهو ما يعادل 3.3 مليون برميل يومياً العام الجاري 2021م وبنسبة 6.4%. أو 2.7 مليون برميل يومياً في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
في نهاية المطاف لم تحدد دول تحالف “أوبك+” حتى الآن سياسة الإنتاج لشهر أغسطس 2021م. لكن من المتوقع في الاجتماع الشهري المقبل لوزراء التحالف مطلع يوليو المقبل أن تزداد الإمدادات بنحو 500 ألف برميل يومياً في أغسطس. لتضاف إلى 2.1 مليون برميل يومياً اتفقت على إعادتها من مايو وحتى يوليو 2021م.