تعتبر حقوق السحب الخاصة من الأدوات المالية العالمية التي يتبناها صندوق النقد الدولي. وتم إنشاء هذه الحقوق بهدف دعم السيولة العالمية. ويقوم صندوق النقد الدولي عندما تقتضي الحاجة بتوزيع جزء من هذه الحقوق على الدول الأعضاء وهذا ما حصل مؤخراً. والسؤال المهم هنا: كيف يتم توزيع حقوق السحب الخاصة؟ وما حصة سوريا منها؟
تعني حقوق السحب الخاصة منح الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي الحق في سحب مبلغ من الصندوق يتناسب مع حصتها فيه. وتم إصدار هذه الحقوق لأول مرة عام 1969م بهدف دعم النظام المالي العالمي في ظل اتفاقية بريتون وودز الموقّعة عام 1944م. لا سيما في ظل المخاوف العالمية من عجز الدولار الأمريكي عن تغطية حاجة السوق العالمي من السيولة.
بعد انهيار اتفاقية بريتون وودز عام 1971م وسيطرة نظام تعويم العملات والإصدار الحر على الاقتصاد العالمي انخفضت أهميتها. ولكنها ما تزال تقوم بدور لا بأس به في تمويل الاقتصاد العالمي لا سيما خلال الأزمات المالية العالمية.
يتم توزيع حقوق السحب الخاصة على الدول بعد إجراء تصويت بين الدول الأعضاء. ويشترط وجود موافقة تتجاوز 85% للموافقة على التوزيع. وهنا تجدر الإشارة إلى أن حق كل دولة في التصويت يتناسب مع مساهمتها في الصندوق. وهذا ما أفقد التصويت دوره. فالولايات المتحدة تمتلك أكثر من 15% منها.
إن عدم موافقة الولايات المتحدة كفيل بعرقلة أي توزيع. ولهذا السبب تطالب العديد من الدول لا سيما النامية منها بتعديل أساس التصويت. خاصة أن غالبيتها تمر بأزمات مالية ولا يتم تقديم مساعدات لها. لأن الموافقة على التوزيع ترتبط بموافقة الولايات المتحدة والدول الأخرى الصناعية الكبرى.
أعلن صندوق النقد الدولي مؤخراً عن توزيع حقوق سحب بقيمة 650 مليار دولار. وذلك بهدف دعم الاقتصاد العالمي في مواجهة التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا والإغلاق الاقتصادي. واشترط الصندوق عدم استخدام هذه الأموال في عملية جدولة الديون. فهي مخصّصة للدعم الاقتصادي فقط.
من جهة أخرى وفيما يتعلق بحصة سوريا فهي تبلغ 0.06% من حقوق السحب الإجمالية. وهو ما يعادل 390 مليون دولار أمريكي. بينما تبلغ حقوق السعودية على سبيل المثال 2.1%. لذلك فحصة كل دولة تتناسب مع نسبة أصولها من حقوق السحب الإجمالية.
في الحقيقة قد يكون التساؤل الأهم هنا: هل ستستلم سوريا حصتها؟. ومن سيتسلمها؟ حكومة النظام أو المعارضة؟. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن حكومة المعارضة غير معترف بها. وبالتالي لا يمكن أبداً تسليمها حصة سوريا.
أما فيما يتعلق بحكومة النظام فهي تحت عقوبات اقتصادية دولية. لذلك من غير المتوقع تسليمها حصتها. وعلى الأغلب سيتم تجميد حصتها هي وبعض الدول الأخرى كأفغانستان والتي جُمدت أصولها عقب سيطرة طالبان على البلاد.
في النهاية من المتوقع أن تبقى حصة سوريا مجمدة لحين رفع العقوبات الدولية عن حكومة النظام. وهذا الأمر لن يتم إلا بعد التوصل لحل سياسي شامل للقضية السورية. وهو أمر مستبعد على الأقل في المدى المنظور.