من بديهيات تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي: العمل على زيادة كمية وقيمة الصادرات وتقليص كمية وقيمة الواردات. وهذا الأمر في حال تم بنجاح من شأنه الانعكاس إيجاباً على طيف واسع من المؤشرات الاقتصادية. كالميزان التجاري وميزان المدفوعات والناتج المحلي الإجمالي وقيمة العملة الوطنية ومعدل البطالة. وغيرها من المؤشرات. فكل الحكومات تسعى لتعزيز صادراتها وتقليل وارداتها.
بصفة عامة تسعى حكومة النظام السوري أيضاً لزيادة صادراتها والتقليل من وارداتها. لكنها لم تنجح في هذا. فالأمر لم يخرج عن حدود القرارات. ولم يكن له تطبيق فعلي على الأرض. ولعلها نجحت فقط وبشكل نسبي في التقليل من الاستيراد من خلال نشرات دورية تحدد المواد المحظور استيرادها. وحتى في هذا لم تنجح نجاحاً تاماً. فالعديد من المواد المحظور استيرادها دخلت البلاد عن طريق التهريب.
لكن لم تتمكن حكومة النظام من دعم صادراتها إلا في حدود دنيا غير ملحوظة. وهي المسؤولة بشكل شبه تام عن هذا الفشل. فدعم الصادرات يتطلب دعم المنتجين الصناعيين والزراعيين. ولكن على العكس من ذلك دائماً ما يتم الضغط عليهم. فعلى مستوى الصناعة لم تتمكن حكومة النظام من توفير المحروقات ولا الكهرباء اللازمة للإنتاج. إضافةً لممارسة أمراء الحرب ضغطاً على الصناعيين.
أما على مستوى الزراعة أيضاً فلم تنجح حكومة النظام في دعم المزارعين. بل على العكس من ذلك يتم الضغط عليهم باستمرار. ومن أشكال الضغط الزيادة المستمرة بتكاليف الزراعة. والتي كان آخرها زيادة 50% على أسعار الأسمدة. إضافةً لكساد بعض المنتجات الفائضة وعدم العمل على تصديرها. كالتفاح على سبيل المثال. والذي اضطر مزارعوه لبيعه دون سعر التكلفة. وهو ما سبب خسائر حادة لهم.
لترميم النقص الحاد في قيمة الصادرات تقوم حكومة النظام بتصدير بعض المنتجات لا سيما الزراعية منها. بغض النظر عن إشباع السوق من هذه المنتجات. كما حدث حالياً مع زيت الزيتون. حيث إن تصديره قد يؤدي إلى ارتفاع سعره. وبالتالي حرمان شريحة واسعة من السوريين من شرائه. خاصةً أن مستوى الدخل متدن جداً.
كما أن عدم الاهتمام بإشباع السوق المحلي من المنتجات. وعدم الاكتراث بقدرة السوريين على شراء المنتجات حدث مع موسم البندورة أيضاً. فتم تصدير الإنتاج المحلي. وتسبّب ذلك بارتفاع حاد في أسعار البندورة. إذ وصل سعر الكيلو الواحد لدولارين. وعندما تم طرح المشكلة على مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك. كان رده: “البندورة خارج موسمها ليست للمواطن العادي”!
إن تصاعد قيمة العجز التجاري لدى حكومة النظام نتيجة تراجع الإيرادات وارتفاع الواردات. سيؤدي للانعكاس سلباً على قيمة الليرة السورية. وعلى مستوى المعيشة. وعلى قدرة الحكومة على القيام بواجباتها تجاه الأفراد. ففي ظل استمرار السياسات الحالية من المتوقع تصاعد قيمة العجز التجاري. واستمرار تراجع قيمة الليرة وارتفاع معدلات الفقر.