في أول زيارة له من قرابة عقدين يسعى بشار الأسد في زيارته للصين لتحقيق جملة أهداف. تتوزع ما بين السياسة والاقتصاد. فالصين حليف سياسي مهم له. وإن كانت حدود هذا التحالف لم تتجاوز حدود السياسة. فلم يظهر دعم عسكري أو اقتصادي صيني للأسد خلال السنوات السابقة. ولكن تبدو نتائج الزيارة متواضعة بالنسبة للأسد في ظل الواقع السياسي الدولي الراهن.
بالطبع يسعى الأسد للحصول على وعود صينية بتمويل عملية إعادة الأعمار. مستغلاً موقع سوريا المهم على البحر المتوسط. لا سيما ميناء اللاذقية الذي تهتم به الصين بشكل كبير. كونه قد يكون بوابة بحرية على أوروبا. كما أن سوريا محطة رئيسة من محطات مشروع الحزام والطريق. وهذا ما قد يدفع بكين لتنفيذ استثمارات في البنية التحتية السورية.
من جهة أخرى يدرك كل من الأسد والصين أن إعادة الإعمار لا يمكن أن تتم في ظل عدم توافق دولي. وفي ظل العقوبات الغربية. فإعادة الإعمار هنا تعد ورقةً سياسية وليست اقتصادية. لذلك فإن للأسد أهدافاً سياسية. لا سيما في ظل صعوبة تحقيق نتائج اقتصادية.
في الحقيقة أهداف الأسد السياسية تتمثل في التسويق لفكرة أنه غير معزول دولياً. وأن له خيارات عدة. وهو ما يسعى لاستغلاله في دعم جهود التقارب بين نظامه مع كل من الدول العربية وتركيا. خاصةً أن مساعي التطبيع العربي والتركي معه يبدو أنها فقدت زخمها. فهو يسعى لإقناع الدول الإقليمية أنه ليس بمفرده ولديه خيارات أخرى.
لفهم نوايا بكين من دعوة الأسد لزيارتها لا بد من تحليل السياسة العامة الصينية. فهي تعتمد على التغلغل الاقتصادي. وحالياً تنشط في مجال المفاوضات السياسية. مثل وساطتها الناجحة بين إيران والسعودية. واقتراحها مؤخراً الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لذلك من غير المستبعد أن تكون الدعوة مدخلاً لدعم التطبيع بين النظام وتركيا من خلال وساطة صينية.
في الوقت الراهن لا يبدو أن للصين أهدافاً اقتصادية في سوريا. فهي لا ترغب بالتنافس مع شركائها إيران وروسيا في سوريا. فهي تدرك أن كلاً من موسكو وطهران تنظران لموارد الدولة السورية على أنها من حقهما. لكونهما قدمتا الدعم العسكري للنظام. لذلك لن تنافس الصين حلفاءها على سوريا.
كما أن الصين لم تُبدِ حتى الآن اهتماماً حقيقياً بالاقتصاد السوري. ففي عام 2017م وعدت باستثمار ملياري دولار في مناطق النظام ولم تفعل. فهي ترغب بالتريث لحين اتضاح مستقبل القضية السورية. بشكل عام يبدو الشق السياسي للزيارة أهم.
إضافةً إلى ما سبق تسعى الصين للتقارب مع الأسد. بهدف استثمار هذا التقارب كأداة ضغط على الغرب. بالتزامن مع استخدام الغرب تايوان كورقة ضغط على الصين. فهي تسعى لتدعيم أوراق الضغط السياسية تحسباً لأي توتر جديد مع الغرب.