شَارِك المَقَال

 

خلال فترة حُكم نظام البعث شهد الاستثمار الأجنبي في سوريا تراجعاً حادّاً، البداية كانت مع قرارات التأميم في ستينيات القرن الفائت، حينها تمَّ القضاء على القطاع الخاصّ السوريّ، وتم الاستيلاء على الشركات دون أيّ تعويض، بعضها كانت شركات مُهمَّة، مثل الشركة الخماسية، والتي كانت أكبر شركة سورية.

 

خلال حُكم النظام البائد بقي الاستثمار الأجنبي منخفضاً؛ حتى في السنوات التي سبقت الثورة، فعلى الرغم من تحسُّن بعض المؤشرات الاقتصادية؛ إلا أنها كانت أدنى بكثير من الدول الأخرى، لذلك كانت سوريا طاردة للاستثمارات، حتى رؤوس الأموال الوطنية كانت تنتقل للخارج.

 

مؤشرات الفساد في عهد النظام البائد

يُعدّ الفساد من أهمّ العوامل الطاردة للاستثمارات، ففي عام 2010م صُنِّفَت سوريا بدرجة منخفضة على مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. وترتيبها الدولي كان 129 من أصل 163، بمجموع نقاط 2.5 من أصل 10.

 

أما على مستوى مؤشر الدول الهشَّة “صندوق السلام”؛ فقد صُنِّفت سوريا في عهد النظام البائد من الدول الهشَّة نسبياً، ففي عام 2023م احتلت المرتبة الخامسة عالمياً من بين الدول الأكثر هشاشة.

 

ووفقاً لمؤشر الرّقّ العالمي لعام 2023م الصادر عن منظمة (ووك فري(Walk Free :، والذي يقيس الرق المعاصر -ويُقصَد به ظروف العمل القسريّ-؛ فقد احتلَّت البلاد المرتبة الرابعة عالميًّا من بين 167 دولة، بمعدل 7.3 من بين كل ألف شخص يعيشون في ظروف تشبه العبودية.

 

فساد النظام في مجال الاستثمار

عانت مُؤسَّسات النظام من تَرهُّل إداريّ وفساد كبيرين، أدَّى لتراجُع حادّ في الاستثمار الأجنبي، فالإجراءات اللَّازمة للموافقة على الاستثمار كانت تصل لسنة كاملة، بينما في دول أخرى تحتاج أياماً فقط.

 

إضافةً إلى ذلك؛ فإن مسؤولي النظام كانوا يبتزّون المستثمرين للحصول على حصة من الأرباح، ناهيك عن الاستيلاء بالقوة على أملاك المستثمرين، مثل حادثة استيلاء رامي مخلوف على استثمارات رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس.

 

خطوات تحفيز الاستثمار الأجنبي في سوريا

حالياً، وبعد انتصار الثورة السورية؛ تتطلَّع العديد من الدُّوَل والشركات وصناديق الاستثمار للعمل في سوريا، خاصةً في المرحلة المقبلة بعد الانتهاء من ضبط الواقع الأمنيّ. وهنا لا بُدّ من تشجيع هذه الاستثمارات وجذبها ومنحها التسهيلات الإدارية المطلوبة، وإصدار قوانين جديدة تُسهّل سرعة إنهاء الإجراءات والتراخيص، وتقديم كامل الدعم التشريعيّ واللوجستيّ للمستثمرين.

 

بالإضافة إلى بحث فكرة عَقْد وإطلاق مؤتمر دَولي للاستثمار في سوريا، يُوضِّح الفُرَص الاستثمارية المتاحة، ويطمئن المستثمرين للواقع الأرحب الذي أصبحت عليه سوريا بعد رحيل النظام.

شَارِك المَقَال