شَارِك المَقَال

مع استقرار الاقتصاد الوطني في سوريا، يُتوقَّع أن تسعى الدولة إلى إصدار عُملة جديدة تعكس مرحلة جديدة من الاستقرار وتُعيد الثقة بالنظام النقدي. تحديد قيمة العُملة الجديدة لن يكون مجرد قرار اقتصادي تقني، بل عملية مُعقَّدة تتأثَّر بأهداف الدولة الاقتصادية وباحتياجات إعادة الإعمار والتنمية.

 

الاقتصاد السوري في السنوات القادمة سيُواجه تحدياً فريداً يتمثَّل في التوفيق بين ضرورة استيراد كميات هائلة من الموادّ والمعدات لدعم عملية إعادة الإعمار، وبين الحاجة لتعزيز الصادرات لتحفيز النموّ الاقتصاديّ، وتأمين العُملة الصَّعبة.

 

اعتماد عُملة مرتفعة القيمة يمكن أن يجعل الواردات أرخص وأكثر سهولة، لكنّه قد يضرّ بالصادرات عن طريق رَفْع أسعار المنتجات المحلية بالنسبة للأسواق الخارجية. من ناحية أخرى، فإنّ اعتماد عملة منخفضة القيمة يجعل الصادرات أكثر تنافسية، لكنّه يزيد تكلفة الواردات، مما قد يؤدي إلى إبطاء عملية إعادة الإعمار.

 

في ظلّ هذا التحدّي، يبدو أن الخيار الأنسب هو تحديد قيمة متوازنة للعملة الجديدة؛ بحيث تُسهم في تحقيق توازن بين متطلبات الاستيراد والتصدير. على سبيل المثال، تقديرات أولية تشير إلى أن اعتماد قيمة 25 – 75 ليرة للدولار الواحد قد يُحقِّق توازناً نسبياً. هذه القيمة من شأنها أن تجعل المنتجات السورية تنافسية في الأسواق الخارجية، مع الإبقاء على تكلفة الاستيراد ضمن حدود معقولة.

 

القيمة المتوازنة للعملة الوطنية ستعكس قدرة الدولة على إدارة اقتصادها بفعالية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. اختيار هذه القيمة لن يكون مُجرَّد إجراء رمزي، بل خطوة حاسمة ستحدّد مسار الاقتصاد الوطني لعقود قادمة.

 

سوريا اليوم تحتاج إلى قرارات اقتصادية مبنية على دراسات دقيقة ورؤية طويلة المدى، تضمن استقرار العملة الجديدة، وتخلق بيئة ملائمة للنمو والازدهار.

 

شَارِك المَقَال