صحيح، أنه يجب على الحكومة توفير أساسيات الدعم الاقتصادي قبل توقُّع الحصول على الدعم من خارج البلاد. لكن في الوقت نفسه لا بد من إدراك أن الحكومة الحالية ما تزال حديثة العهد، وتسلَّمت دولةً منهارةً بالكامل، ولا تمتلك حتى اللحظة الأدوات اللازمة للنهوض الكامل. وهذا ليس دفاعًا عن الحكومة، بقَدْر ما هو إيضاح للصورة ككل.
وبناءً عليه، فمن غير الممكن أن تنجح الحكومة في تثبيت سعر الصرف؛ لأن تثبيته يحتاج أدوات مالية ونقدية تكون بيد البنك المركزي. وللأسف لا يملك المركزي أيضًا أيًّا من هذه الأدوات؛ لأن تثبيت سعر الصرف يتم من خلال زيادة عرض الدولار في السوق عبر ضخّ كميات كبيرة منه، والمركزي السوري لا يملك حاليًّا كميات كبيرة من الدولار ليضُخّها في السوق المصرفي.
كما قد يتم تثبيت سعر الصرف من خلال تقليل عرض الليرة السورية؛ عن طريق جذب الودائع إلى البنوك ورفع سعر الفائدة على الودائع. ولكن النظام المصرفي السوريّ غير فعَّال وشِبْه مشلول، ولا يستطيع استقطاب أيّ ودائع في الأوقات الحالية.
ولذلك، فمن الصعب تثبيت سعر الصرف في الظروف الحالية، ناهيك عن أنّ دولًا ذات اقتصاد مستقر نسبيًّا مثل تركيا ومصر، لم تتمكَّن مِن تثبيت سعر الصرف لديها. فلا يمكن توقُّع هكذا أمر من حكومة بموارد شبه معدومة كالحكومة السورية الجديدة.
أما بخصوص أسعار حوامل الطاقة؛ فهي مرتفعة بالفعل، ولا تزال التسعيرة معتمَدة منذ عهد النظام البائد. والفكرة هنا أن إنتاج الكهرباء في سوريا يتم دون الحد الأدنى، بمعدل ساعتين يوميًّا فقط، فقضية التسعير -رغم أهميتها- لن تحلّ المشكلة؛ لكون الأهم هنا هو توفير الكهرباء بالحد الأدنى، وبعدها يمكن معالجة موضوع التسعير.
وتشير المعطيات الحالية إلى أنه في المدى المنظور سيكون هناك حلول جزئية لقضية الكهرباء عن طريق التعاون مع بعض الدول الداعمة.
بصفة عامةٍ، الحكومة الجديدة مُطالَبة ببَذْل المزيد من الجهود لرفع المعاناة عن كاهل الشعب السوري، لكن لا بد أن تكون التوقُّعات متناسبة مع الإمكانات المتواضعة التي تمتلكها.