بعد انتصار الثورة قامت الحكومة بتحرير سعر غالبية الموادّ الأساسية في سوريا، مثل الخبز والغاز والمحروقات. وهذا ما أدَّى لارتفاع تكاليف المعيشة بالنسبة لغالبية السوريين، ما فرَض ضغوطاً اقتصادية كبيرة، لا سيما بالنسبة للفقراء.
الدعم الاجتماعي في سوريا يعود لعدة عقود، وحقَّق بعض الإيجابيات، منها: تقليل تكاليف المعيشة بالنسبة للأسرة. لكن كان له سلبيات أكبر، منها هَدْر المال العام، وانتشار الفساد. وتصاعدت هذه السلبيات خلال السنوات الأخيرة من عهد النظام البائد.
مشروع البطاقة الذكية الذي أطلقه النظام البائد لتنظيم الدعم الاجتماعي كان مشروعًا فاشلًا، وارتبط بعمليات فساد واختلاس كبيرة. لذلك تم إلغاء هذه البطاقة فور انتصار الثورة.
في عام 2024م كانت تكلفة الدعم الاجتماعي الذي أعلنت عنه حكومة النظام البائد أكثر من 35 تريليون ليرة، وهو رقم ضخم، لكنّ هذا الرقم لم ينعكس على حياة الناس، بل كان الفقر في ازدياد. والسبب تفشي الفساد.
حاليًّا وبعد إلغاء الدعم، وتقديم السلع للناس بسعر التكلفة، تكون الحكومة قد أغلقت بابًا مهمًّا للفساد، وهي خطوة نحو الإصلاح الإداري، لكن من جهة أخرى لهذا الأمر سلبيات كبيرة؛ من أهمها أن الدخل ما يزال ثابتًا، بينما ارتفعت الأسعار، وهذا يعني زيادة حدة الفقر.
قرار إلغاء الدعم الاجتماعي من حيث المبدأ صحيح، لكنّ توقيته لم يكن مناسبًا، فقبل رفع الدعم لا بد من تحديد جاهزية المجتمع لهذه الخطوة. ومن الضروري في البداية تحسين الدخل ليتناسب مع الأسعار الجديدة، ومعالجة مشكلة البطالة؛ فالقرار قد يكون صحيحًا، لكن في حال تم اتخاذه في وقت غير مناسب يتحوَّل لقرارٍ سلبيّ.
قد تُواجه الحكومة بالفعل ضغوطًا مالية لا تستطيع معها تقديم دعم اجتماعي، ولكنّ الحلّ ليس بتحرير الأسعار بشكلٍ فوري. وهنا يمكن معالجة الأمر بطريقة إسعافية؛ من خلال تقديم الدعم للشرائح الأكثر فقراً؛ بحيث تنخفض فاتورة الدعم، وفي الوقت ذاته يتم تخفيف حدة الفقر في المجتمع.