التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل له تداعيات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة على المستوى الإقليمي والدولي، وظهرت تداعيات التصعيد من خلال ارتفاع سعر النفط بنسبة 5%، والذهب بنسبة 2% ليصل سعر الأونصة 3,430 دولار. كما تراجعت مؤشرات أسواق المال في غالبية دول العالم.
التصعيد الأخطر سيكون في حال نفّذت إيران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز، والذي يُعدّ الممرّ الأهمّ في العالم بالنسبة للطاقة، ويمرّ عبره 20% من إمدادات النفط العالمية. وفي حال إغلاقه فعلياً، فإن ذلك سيؤدي إلى اضطرابات كبيرة في التجارة الدولية وارتفاع حادّ في أسعار الطاقة، ما قد يتسبّب في موجة تضخم جديدة على مستوى العالم، ويزيد من الضغط على اقتصادات الدول المستوردة للنفط، خاصةً في أوروبا وآسيا.
ومن المستبعَد أن تُقدم إيران فعلياً على إغلاق مضيق هرمز، رغم تهديداتها المتكررة؛ لأن مثل هذه الخطوة ستُعدّ بمثابة إعلان حرب على المجتمع الدولي بأكمله، وليس فقط على إسرائيل أو الولايات المتحدة. هذه الخطوة ستعني الدخول في مواجهة مع دول الخليج التي حتى الآن تدين الموقف الإسرائيلي، وقد تُفقد إيران ما تبقّى لها من تعاطف أو دعم سياسي إقليمي.
علاوة على ذلك، فإن أيّ تصعيد بهذا المستوى سيُعطي مبرراً دولياً قانونياً لشنّ عمل عسكري مباشر ضد إيران، وهو ما تحاول طهران تجنُّبه في هذه المرحلة. خاصةً أن مجريات الحرب ليست في صالحها، وهي ترغب بمبادرة دولية تحفظ ماء وجهها وتنقذها من الانهيار، لذلك على الأغلب لن تتجه نحو التصعيد.
في سوريا، ورغم أن الاقتصاد لا يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأسواق العالمية أو الإقليمية، إلا أن التأثيرات غير المباشرة تبقى قائمة وإن كان بشكل محدود، والتراجع الذي سجّلته الليرة مؤخراً يُعد بسيطاً، وهو استمرار لحالة التذبذب التي تواجهها الليرة أساساً، ومن غير المتوقع أن تشهد انهياراً كبيراً في المدى المنظور.
لكن في حال تصاعدت المواجهة وتعطلت الملاحة في الخليج العربي، عندها قد يتأثر الاقتصاد السوري؛ لأن أيّ ارتفاع في أسعار النفط والسلع عالمياً سينعكس مباشرة على الداخل السوري، نظراً لاعتماد البلاد على الاستيراد، لا سيما في المشتقات النفطية والمواد الغذائية. هذه التكاليف الإضافية تؤدي إلى زيادة أسعار السلع في السوق المحلية، ما يضغط على القوة الشرائية للمواطنين، ويرفع من مستويات التضخم، التي تعاني أساساً من معدلات مرتفعة جداً في السنوات الأخيرة.
والخطر الأساسي يكمن في تزايد الضغوط المعيشية على المواطنين، مع غياب أيّ قدرة فعلية للدولة على امتصاص الصدمات أو التدخل في السوق.