هل سيأتي اليوم الذي نقول فيه: إن عصر الورقة الخضراء قد انتهى بصمت؟!
وزارة الخزانة الأمريكية تُمهِّد لإطلاق الدولار الرقمي، كخطوة تُعِيد تعريف قيمة المال. الأمر لا يتعلق بأوراق نقدية، بل هو كود رقمي مرتبط بسندات ديون سيادية، تتحكَّم بها واشنطن لحظة بلحظة.
بعض المصادر تتحدَّث عن نية إطلاق دولار رقمي مرتبط بالعملة الفعلية، يُطرَح على أنه تحديث تقني طبيعي. لكن، حين نتأمَّل ما وراء الكواليس، نُدْرك أن اللعبة أكبر بكثير.
الفكرة أن العالم كله سوف يُجْبَر على استخدام هذا الدولار الرقمي لشراء الديون الأمريكية، والهدف النهائي هو امتصاص السيولة العالمية، وسَحْب مُدَّخَرات الدول الأخرى، لتسديد جزء من دَيْن يقترب من 37 تريليون دولار تقريبًا.
لكن، هل هذا منطقي؟ أم أننا أمام محاولة ذكية لتصدير الأزمة الأمريكية إلى العالم كله؟ والأخطر من كل هذا هو التوقيت. لماذا الآن؟
الاقتصاد الأمريكي يُواجه أزمة ديون خانقة، والثقة في الدولار كعملة احتياط بدأت تتآكل تدريجيًّا. الصين تُروِّج لليوان الرقمي. روسيا تبني تحالفات مالية شرقية. دول الخليج تناقش التجارة بالعملات المحلية. وفي هذا المناخ بالتحديد، يظهر الدولار الرقمي كحلّ سحري. أو ربما كأكبر فخّ في التاريخ المالي الحديث.
الخطورة ليست في التقنية نفسها، بل في السرعة. قد يتم الانتقال إلى النظام الجديد بسرعة تضغط على الاقتصادات الضعيفة، وقد تجبرهم على خيارين فقط: التكيُّف السريع، أو الانهيار.
نحن في زمن لا يرحم الغافلين. مَن يقرأ ما بين السطور الآن قد ينجو، ومَن ينتظر حتى يعلن الأمر رسميًّا، سيجد أن القطار قد فاته، والعودة إلى المحطة لن تكون متاحة.