مشاركة

في الأخبار نَسْمع عن قمةٍ هنا واجتماعٍ هناك، خَلْف هذه العناوين تَختبئ حكاية أخرى لا تُقْرَأ.

العملات تحوَّلت إلى أدواتٍ سياسيةٍ. الدولار اللي هيمن لعقودٍ على الاقتصاد العالَمي، يُواجِه اليوم تحديات كبيرة؛ واليوان أصبح مُنافس شَرِس.

مجموعة السبع تتصرَّف كحارس للنظام القديم، وتتمسّك بالدولار؛ لأنَّ أيّ تهديد للدولار يعني هزَّة لنظام بُنِيَ على مدى قرن. لذلك تُدافع بنشوفها تدافع بما أوتيت من قوة ، مرةً بالرسوم الجمركية، وأخرى بالعقوبات المالية.

في المقابل، يُولَد “ناتو مالي” جديد تقوده روسيا والصين عبر مجموعة بريكس، واللي بيضمّ أكثر من 40% من سكان العالم، وحوالي ثلث الناتج الاقتصادي العالمي. وبانضمام الإمارات ومصر وإثيوبيا والأرجنتين وإيران، يعني أنّ المجموعة تحوَّلت من مجرد فكرة تكتُّل اقتصاديّ إلى محاولة جادة لكَسْر احتكار الدولار.

بوتين يسعى لتقليل الاعتماد على الدولار في المعاملات الدولية، ويطرح فكرة عُمْلة رقمية مُوحَّدة لبريكس. والصين تُجري اتفاقيات نفطية باليوان مع دول الخليج، وتستثمر مليارات الدولارات عبر مبادرة الحزام والطريق… كلها خطوات في مشروع طموح لبناء نظام مالي بديل.

لكن هل يقف الغرب مكتوف الأيدي؟

بالطبع لا.

واشنطن تُهدِّد بفَرْض رسوم جمركية تصل إلى 100% على مَن يحاول التخلي عن الدولار. وأوروبا تُعيد النظر في علاقاتها مع الصين. أما بريطانيا فتبحث عن دور جديد في النظام المالي بعد البريكست.  ويطالب الناتو الأعضاء بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى مستويات قياسية، ما يعني تحويل موارد ضخمة نحو الصناعات الحربية على حساب التنمية.

والسؤال مَن سيدفع الثمن؟

المجتمعات التي بتعتمد على التجارة العالمية هي الأكثر عُرْضة للمعاناة من ارتفاع الأسعار وتقلُّبات العملات وتعقيدات التحويلات المالية.

انقسام العالم إلى تكتلات مالية ستقوده إلى شبكات إنترنت منفصلة ومنظومات تجارية متباعدة. وهنا نجد أن مستقبل الاتصالات والتجارة وحتى السفر ربما يَتحدَّد بنتيجة هذه المعركة.

القصة لم تَنْتَهِ بعد.. والسباق ما يزال مفتوحًا.

وبين دَفْع الثمن واقتناص الفرصة، يبقى السؤال: هل نشهد ولادة نظام مالي جديد يُحرِّر الشُّعوب من هيمنة الدولار؟

مشاركة



عن المقال

  • يحيى السيد عمر