مشاركة

يُعدَ عام 2020 هو عام الغرور الأمريكي. ففي واشنطن، أعلن ترامب أمام العالم انتصارًا تجاريًّا على الصين. بينما في بكين كانت الخطة تمضي بهدوء لتغيير قواعد اللعبة. بعد شهرين فقط، تفشّت جائحة كورونا التي أربكت العالم، لتبدأ الحرب الحقيقية بين التنين الصيني والعملاق الأمريكي.

 

لكن القصة بدأت قبل ذلك بكثير؛ ففي عام 2001م، سمحت أمريكا لبكين بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وكانت تعتقد أنها بذلك تستطيع “ترويض التنين”؛ من خلال الانضمام للنظام الاقتصادي العالمي، على أمل أن يقود هذا التحوُّل إلى ازدهار اقتصادي يجعل الصين أقرب للنموذج الديمقراطي الغربي.

 

بكين عندما انضمَّت إلى المنظمة، اقتصادها كان أضعف بكثير من الاقتصاد الأمريكي، والاستثمارات الأجنبية كانت محدودة، والتكنولوجيا بسيطة. لكنْ مع مرور الوقت، ازداد الاستثمار، وتطوَّرت الصناعة، وتعمَّقت التكنولوجيا، كلّ ذلك دون أيّ تغيير في النظام السياسي. بالعكس، القوة الاقتصادية صارت أداة للنفوذ الدولي.

 

الخطة الأمريكية انتهت بالفشل، ووجدت واشنطن نفسها أمام مُنافِس شَرِس في كل شيء، في الاقتصاد، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وحتى في الفضاء. ولذا فالحرب التجارية التي أعلنها ترامب عام 2018 كانت أول إشارة إلى إحساس أمريكا بالخطر.

 

هنا، بدأت ملامح الصراع تظهر؛ عقوبات على شركة “هواوي”، المناورات العسكرية في بحر الصين الجنوبي، والتنافس على النفوذ في إفريقيا عبر مشروع “الحزام والطريق”، والسباق على الذكاء الاصطناعي.

 

ثم جاءت جائحة كورونا لتقلب الحسابات. ترامب حَمَّل الصين مسؤولية انتشار الفيروس، واتهمها بإخفاء المعلومات، والاقتصاد الأمريكي تعرَّض لأزمة كبيرة، فَقَد خلالها الملايين وظائفهم، وانتهى الأمر بخسارة ترامب للانتخابات. واليوم، في ولايته الثانية، يتوعّد بحرب تجارية أشدّ، وبفرض رسوم جمركية أكبر.

 

الصين تلعب لُعبة الصبر والنَّفَس الطويل، بدلًا من المواجهة العسكرية المُكلّفة، فتبني شبكة علاقات اقتصادية واسعة تمتدّ لأكثر من مائة دولة، مع الاستثمار الكبير في البنية التحتية، والتحالف مع مؤسسات دولية بديلة مثل مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي.

 

الصراع اليوم أصبح على شكل النظام العالمي، أمريكا تُدافع عن النظام الليبرالي الذي أسَّسته بعد الحرب العالمية الثانية، والصين تُقدِّم نموذجًا بديلًا لنظام مُتعدِّد الأقطاب لا تسيطر عليه دولة واحدة.

مشاركة