كلْ ضَرْبَةْ بضَرْبَةْ، وكلْ رَسْمْ جُمْركي برَسْمٍ مُضاعَفْ. الحربْ التجاريةْ بين الصين وأمريكا ما عادتْ مجردْ خلافْ اقتصاديْ، صارتْ مُواجَهَةْ مفتوحةْ بمبدأ “العين بالعين” بين قُوَّتَيْنِ، كلُّ وَاحِدَةٍ بِدَّهَا تُثْبِتْ للعالَمْ أنَّهَا الأقوى.
القصةْ بدأتْ بعدَ الانكماشْ الاقتصاديْ العالمي عام 2023. أمريكا قررتْ تُقلِّلْ اعتمادهَا على الصين، خاصةً في سلاسل التوريد. واشنطنْ اتَّبَعَتْ سياسةْ حصارْ الصينْ تكنولوجياً. بهدَفْ محاولةْ مُوَازَنَةْ العَلاقَةْ مع الصين من دون ما تُدْخُلْ بمُواجَهَةْ مُباشِرَةْ.
خلالْ عاميْنْ، أمريكا فرضتْ قيودْ صارمةْ على تصديرْ أيَّ تقنيةْ متقدمةْ ممكن تُساعِدْ الصين في تطويرْ قُدُراتهَا العسكريةْ والتكنولوجيةْ. مَنَعَتْ تصديرْ شرائحْ الذكاءْ الاصطناعي، وأجهزة الطباعة الضوئية اللي بتَصْنَعْ أدقْ الرقائقْ بالعالَمْ، وفرضتْ عقوباتْ على مئاتْ الشركاتْ الصينيةْ، كلّْ هالخطوات هدفهَا تُبَطِّئ تَقَدُّمْ الصين.
بالمقابلْ، بكين ما وَقَفَتْ مكتوفةْ الأيدي. فَرَضَتْ رُسُومْ موانئْ خاصةْ على السُّفُنْ الأمريكيةْ بنِسْبَةِ وَصَلَتْ لـ25%. وضخَّتْ أكثرْ منْ 150 مليار دولار لتطويرْ صناعةْ الرقائقْ المحليةْ، وأطلقتْ خُطَطْ لتصنيعْ شرائحْ مُتقدِّمَةْ بتقنيةْ صينيةْ خالصةْ. هدفهَا الاعتمادْ على الذاتْ، وبناءْ اقتصادْ تكنولوجي مُستقِلّ عن الغرب.
المشكلةْ الحقيقيةْ انو العالَمْ كله راحَ يَدْفَعْ فاتورةْ هذه الحرب. أسعارْ السِّلَعْ عم ترتفعْ، سلاسلْ التوريدْ عم تَتَعَطَّلْ، والأسواقْ الماليةْ عم تتراجَعْ. الذهبْ وصَلْ لمستوياتْ تاريخيةْ، والمستثمرون قراراتهم صارت حذرة أكثر. وكلّْ تصريحْ جديدْ منْ ترامبْ أو منْ مسؤولْ صيني مع الأسف بيَهُزّ الأسواقْ. البورصاتْ الأمريكيةْ خسرتْ أكثرْ من تريليون دولار من قيمتها بأيامْ قليلةْ بسببْ الخوفْ منْ أيِّ تصعيدْ جديدْ.
القصةْ ما انتهتْ، هي للتو بدأتْ، وما حدا بيعرفْ لوين ممكنْ تِوْصَلْ. ويبقى السؤالَ: هل هناك من يظفر بهذه الحرب، أم انو الجميعْ خسرانْ؟!