بالطبع تذكّرنا الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا بأزمات اقتصادية ضخمة عانت منها البشرية خلال القرن الماضي. ولكن هل تتشابه الأزمة الحالية مع سابقاتها؟ أم أنها مختلفة عنها؟. وهل هي صحية بامتياز؟ أم أنها انفجار اقتصادي بشكل مختلف؟. والسؤال المهم: هل فيروس كورونا مُصنّع بتقنية عالية؟
في الحقيقة انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين بشكل مؤقت عام 2003م إلى 9.1% في ذروة انتشار وباء سارس. مع العلم أنه في عام 2003م كانت الصين تمثّل 6% من الناتج الإجمالي العالمي. بينما الآن تشكّل 15% من الناتج الإجمالي العالمي.
في الواقع إن الصين هي ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم. تغزو منتجاتها معظم أسواق العالم. فإذا ما اهتز اقتصاد بهذه القوة فسيكون له انعكاسات أكبر على اقتصادات العالم. وهذا ما حدث بالفعل من بداية تفشي فيروس كورونا حتى الآن.
من جهة أخرى على صعيد الاقتصاد الصيني. رصد البنك المركزي الصيني 173 مليار دولار لجهود محاربة انتشار وتفشي فيروس كورونا. وهي ميزانية قد تفوق ميزانية أي حرب عسكرية دخلتها عدة دول مجتمعةً.
من ناحية أخرى هناك تساؤل قد يكون غريباً وخارج الصندوق. هل فيروس كورونا مصنعاً بتقنية عالية؟. وهل الحروب القادمة هي حروب اقتصادية عن طريق تصدير الفيروسات لتحطيم اقتصادات ووقف نمو اقتصادات أخرى؟. وهل السلاح البيولوجي أصبح أحد الأدوات المستخدمة في تدمير الاقتصادات؟
إن الحروب التجارية مندلعة بين الولايات المتحدة والصين منذ سنوات. وزاد من حدتها وأشعل فتيلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وازدادت حدة المعركة بين واشنطن وبكين. وطلبت كل دولة من أجهزتها الدعم والمساندة في هذه الحرب. فماذا تم؟!
كما أن الصين تتسلح بقدراتها على الإغراق الاقتصادي لأي سوق. بينما تبقى التكنولوجيا الأمريكية درعاً دفاعياً. فهل قام كل طرف من هؤلاء بشحذ أدواته واستخدامها في حرب اقتصادية جديدة ظاهرها فيروس كورونا وباطنها انهيار اقتصادات وبورصات عالمية؟
في الحقيقة تشابهت أزمة اليوم مع أزمة 1929م وهي أزمة الكساد الكبير. والذي كانت بدايته بانهيار سوق الأسهم الأمريكية. وانتهاءً بانهيار الاقتصاد العالمي وانخفاض الناتج المحلي بنسبة 15% من عام 1929م حتى عام1939م. واستمرت الآثار السلبية إلى ما بعد ذلك.
في الواقع كانت أزمة الكساد الكبير 1929م صنيعةً أمريكية تم تصديرها إلى العالم. بعد تمرير ما يُعرف بتعريفة سموت-هاولي لحماية الصناعات المحلية والوظائف. فانخفضت التجارة العالمية بنسبة 65%. واليوم يعيش الاقتصاد العالمي نفس المأساة. فهل تجدي الحلول؟
كما تشابهت الأزمة الحالية مع أزمة 1997م عندما انهار الاقتصاد الآسيوي وبورصات جنوب شرق آسيا. ولكن استطاعت القروض. وخطط الإنقاذ الأوروبية والأمريكية والودائع المصرفية إيقاف الأزمة وحصرها في جنوب شرق آسيا. واليوم تنهار البورصات مرة أخرى.
لكن هل سيناريو الأزمة الاقتصادية الحالية بكامل تفاصيلها شبيه بنفس سيناريو أزمة 2008م؟. وهل تداعيات كورونا على النمو والأسواق والاقتصاد الحالي. مثلما تم في أزمة 2008م الاقتصادية. والتي تسبّبت في إغراق العالم بركود كبير في كل شيء.
لقد انفجرت أزمة 2008م لسبب رئيسي. وهو القروض العقارية التي قدمتها البنوك الأمريكية دون ضمانات كافية. أما الأزمة الحالية فهي عن طريق صدمة خارجية مسّت الاقتصاد الحقيقي وتوسعت تدريجياً مع انغلاق الدول على بعضها البعض.
بالإضافة إلى ذلك فقد كان لأزمة القروض العقارية الثانوية مركز وهو الولايات المتحدة الأمريكية. أما أزمة فيروس كورنا المستجد فولدت في الصين. وأظهرت الثقل الذي اكتسبه ثاني الاقتصادات العالمية والرابح في كلا الأزمتين.
عقب أزمة 2008م تواصلت أمريكا مع حلفائها. وأطلقت مجموعة العشرين بهدف مناقشة أهم قضايا الاقتصاد العالمي. من خلال الجمع بين الأنظمة الاقتصادية للدول النامية والصناعية معاً. ومع الوقت أصبحت القمة تناقش أبرز القضايا السياسية في العالم.
كما تشكّل حصة مجموعة العشرين 75% من التجارة العالمية. ومنذ تأسيسها تعاملت مع كثير من الأزمات المالية العالمية. وكان للعمل المشترك في المجموعة دور كبير في مواجهة الأزمة المالية عام 2008م. وإجراء إصلاحات في الهيكل المالي العالمي.
خلال أزمة عام 2008م نسقت البنوك المركزية جهودها لخفض نسب الفائدة وضخ السيولة. ولعبت دوراً محدداً في الخروج من الأزمة عبر شراء الديون العامة والخاصة. أما الآن فلن تستطيع البنوك المركزية مواجهة أزمة لم تكن في أصلها بنكية أو مالية.
في النهاية لقد بدأت الأزمة الاقتصادية الحالية وتشابهت تداعياتها مع الأزمات السابقة. فمع انهيار بورصات العالم وانهيار مؤشر داوجونز وانهيار أسعار النفط. علاوة على إيقاف التداول في البورصات للمرة السادسة لمنع الانهيار. ولكن لم تفلح هذه الحلول. فماذا بعد؟