في الحقيقة يذكرنا تفشي فيروس كورونا بالطاعون الأسود أو الموت العظيم أو الموت الأسود. وهو وباء خطير اجتاح جميع أنحاء أوروبا بين عام 1347 وعام 1352م. وتسبب في موت ما يقرب من ثلث سكان القارة الأوروبية. في أشد وأخطر حالة تفشي وبائي عرفتها القارة. والسؤال هنا: هل يذكرنا فيروس كورونا بالطاعون؟
في الواقع نشأ الطاعون الأسود في آسيا. ويعتقد بعض الباحثين أن انتشاره جاء عن طريق البراغيث التي تتوطن الفئران. والتي كانت تعيش على متن السفن التجارية. ومن ثَم انتقلت هذه البراغيث بعد القضاء على الفئران إلى الإنسان مسبّبة له هذا المرض.
بصفة عامة أدّى انتشار وباء الطاعون إلى مقتل حوالي ثلث سكان أوروبا. وتجمدت أنواع من البكتيريا المسببة للأوبئة في الثلوج منذ سنوات. لكن من المؤكد أنها قد تنتشر في العالم مجدداً. بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض والاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.
هاجم وباء “الطاعون” مصر بشراسة خلال فترات متعددة في تاريخها القديم. وخاصةً في أكتوبر 1347م حتى يناير1349م. ويعتقد المؤرخون أن حوالي 200 ألف مصري لقوا حتفهم في هذا الوقت. وتسبب الطاعون في حدوث مجاعة لم تشهدها مصر ومحيطها الجغرافي من قبل.
ما بين عامي1347م و1349م حصد الطاعون الأسود الكثير من أرواح المصريين. وقيل: إن الطرقات في ذلك الوقت كانت تمتلئ بجثث المصابين بلا دفن. وروائح الموتى في كل مكان. ووصل الأمر إلى أنه كان يموت يومياً أكثر من 800 شخص بسبب الطاعون.
كما لا ينسى التاريخ وباء طاعون لندن. الذي تسبب في مقتل ربع سكانها في عام 1665م. وكان سكانها في ذلك الوقت أربعمائة ألف نسمة ما يمثل 25% من إجمالي سكان مدينة لندن في ذلك الوقت. ولم يكن هذا الطاعون قابلاً للشفاء في ذلك الوقت.
علاوة على ذلك فتك مرض الجدري بالسكان الأصليين في أستراليا. وأدى إلى مقتل ما يقرب من نصف عددهم في السنوات الأولى للاستعمار البريطاني. أي: ما بين عام 1848وعام 1849م. وتقدر الوفيات بحوالي 40 ألف شخص من سكان هاواي.
في إحصاءات منظمة الصحة العالمية يتبين أن مرض الجدري تسبب خلال مائة عام في مقتل أكثر من نصف مليار شخص. ولذلك تصفه الكثير من الكتب والأدبيات الصحية بالقاتل الأعظم على مر التاريخ. لما له من آثار مدمرة.
توقع مدير مركز أكسفورد للدراسات البيزنطية “بيرت فرانكوبان” أن أوبئة متعددة مثل الطاعون الأسود. والذي يطلق عليه اسم “الموت الأسود”. قد تعود مرة أخرى. ووقتها ستشكل تهديداً للجنس البشري إذا ما استمر مناخ الأرض في التغيير.
كما حذر مدير مركز أكسفورد للدراسات البيزنطية “بيرت فرانكوبان” العالم من كارثة حقيقية جراء ازدياد الاحتباس الحراري. وأنه من المحتمل أن ترتفع درجات الحرارة حوالي 1.5 درجة مئوية. وذلك بين عامي 2030و2052م إذا استمر الاحتباس الحراري على حاله.
في نفس الوقت حذّرت الأمم المتحدة في تقرير نشرته صحيفة الدايلي ميرور البريطانية. من أن العالم إذا تقاعس عن اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الزيادة المحتملة لدرجة حرارة الجو فإن العالم والبشرية مقبلان على كارثة كبيرة. وستكون هناك تأثيرات للتغير المناخي.
حذر مدير مركز أكسفورد للدراسات البيزنطية “بيرت فرانكوبان” من زيادة درجات حرارة العالم ولو لدرجة واحدة فقط. فالأمر لا يعني فقط غرق مدن أو دول. ولكن الخطورة تكمن في تحرّر البكتيريا والجراثيم المجمدة منذ آلاف السنين وانتشارها في العالم.
ذكر مدير مركز أكسفورد للدراسات البيزنطية “بيرت فرانكوبان” أنه في خمسينيات القرن الرابع عشر ارتفعت درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية. بسبب النشاط البركاني. ما أدى لتغيير دورة حياة بكتيريا اليرسينيا الطاعونية التي تطورت لتصبح الموت الأسود.