البيانات أصبحت حاضرةْ في كلّ شيء، الاقتصاد، التكنولوجيا، التنافس الدولي، وبدأت تتوسع بشكل كبير، وتُسطير تقريبا على كل شيء، حتى في السياسة…
الانتخابات مثلاً، ما عادت تُحْسَم فقط في صناديق الاقتراع، بل في خوادم البيانات.
ويبدو أن أدوات السياسة عم تتغيَّر بشكل أسرع من قبل، والتكنولوجيا أصبحت أداة بيد السياسيين والأحزاب.
في زمن الذكاء الاصطناعي، السياسةْ ما عادت فقط برامج انتخابية، الرابحْ هو اللي بيمتلك القدرة على التنبؤ بسلوك الناخبين. واللي بيملك البيانات، بيملك العقول قبل ما تذهبْ لصناديق التصويت أو تتخذْ القرارْ.
أيّ تفاعُل صغير، سواءٌ كانْ إعجابْ، تعليقْ، بَحْث، أو مُشاهَدة، بيتحوّل إلى إشارة رقمية تُخزَّن وتُحلَّل لتُعطي خريطة دقيقة للرأي العام.
شركة كمبردج أناليتيكا
Cambridge Analytica
جمعت بيانات أكثر من 87 مليون مستخدمْ أمريكي على فيسبوك، واستخدمَتْهَا لتوجيه الحملاتْ الانتخابيةْ في الولايات المتحدة عام 2016، واللي بدَرْوها أدَّتْ لفوز ترامب في الجولة الأولى. لكنْ عندما كُشِفَت هذه الفضيحة تحولت لأزمة كبيرة بقيت لسنوات، وفي 2022 اضطرت فيسبوك إنها تدفع 725 مليون دولار لتسوية القضية.
الْخَوَارِزْمِيَّات أصبحت تكشف ميولْ الناخب، شو بيحب وشو بيكره، وبتَعْرض أمامه محتوى ممكن يكون بخالف قناعاته، لا وبتحاول تُقْنِعه بقضايا مصيريةْ، بدون ما يَشْعُر أنه هذا خداع أو هناك تلاعب بطريقة مَا.
اليومْ، تجاوزتْ اللعبة فيسبوك وتويتر.
منصات مثل تيك توك بتجمعْ بياناتْ دقيقةْ عن مئات الملايين من توقيتْ المُشاهَدَة إلى تعابير الوجه؛ ما يجعل هذه المنصة كنز استراتيجي لأيِّ قوةْ سياسيةْ. وهذا هو السر في الصراع الأمريكي الصيني حولْ التطبيقْ.
سوق البرمجيات الخاصة بالحملات السياسية بلغ 1.2 مليار دولار في 2024 وفي نهاية 2025 ممكن يصل إلى 2.5 مليار دولار ما يعني انو السياسةْ أصبحت رهينةْ للتكنولوجيا، والفائزْ بالانتخاباتْ مو صاحبْ المشروع الأفضل، بل صاحبْ البيانات الأكثر.
في الماضي، كانت الحروبْ للسيطرةْ على الأرضْ
اليوم للسيطرةْ على العقولْ.
مَنْ يملكْ البياناتْ، يَكْتُبْ المستقبلْ.
ومَنْ لا يملكها… سيكون ضحيةً لها