مشاركة

في خطوةٍ تكشف عُمق التحوُّل في التفكير الاقتصادي والأمني الأمريكي؛ أدرجت واشنطن معادن رئيسية مثل النحاس والفضة واليورانيوم ضمن قائمة المعادن الحَرِجَة، في مسعًى لحماية اقتصادها من تقلُّبات الإمدادات العالمية. القرار يعكس فكرة أن السيطرة على الموارد تعني السيطرة على المستقبل الصناعي والتكنولوجي.

القائمة التي أصدرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية رفعت عدد المعادن إلى 60، لتشمل عناصر تدخل في الصناعات الدقيقة، والطاقة النظيفة، والمعدات الدفاعية. هذه الخطوة تأتي في ظل تصاعد المنافسة في مجالات التكنولوجيا المتقدّمة والتحوُّل الأخضر، ما يجعل المعادن سلاحًا جديدًا في معادلة القوة العالمية.

التحرُّك الأمريكي يهدف إلى تقليل الاعتماد على الخارج، خصوصًا الصين، التي تهيمن على عمليات صَهْر وتكرير عدد من هذه المعادن. واشنطن تَخْشى أن تتحوَّل هذه السيطرة إلى ورقة ضغط إستراتيجية قد تُؤثِّر في صناعاتها الحساسة. لذلك، تسعى لتغطية حاجة السوق محليًّا، مدعومة بحوافز ضريبية واستثمارات في التعدين وإعادة التدوير.

لكنّ التوسُّع الأمريكي يحمل أهدافًا أبعد من السُّوق الداخلية. إدراج الفضة مثلًا يُثير قلق الصناعات الإلكترونية والطاقة الشمسية؛ بسبب احتمال فرض رسوم جديدة، ما قد يَرفع كُلفة الإنتاج عالميًّا. وفي المقابل، هذه الخطوة قد تَفتح الباب أمام سباق عالمي لاحتكار التكنولوجيا المرتبطة بها، لتتحوَّل المعادن الحَرِجَة إلى محور جديد في صراع النفوذ الاقتصادي بين واشنطن وبكين.

في النهاية، لا يمكن فَصْل القرار عن التحوُّلات العالمية في مجالات الطاقة والتكنولوجيا. أمريكا تسعى لتأمين موقعها في هذا السباق، ويبدو أن الخطوة جزء من خطة طويلة المدى لإعادة ترتيب موازين القوة، لكن هذه المرة ليس عبر السلاح أو النفط، بل عبر المعادن التي تُمثِّل أساس الصناعات المستقبلية.

مشاركة