أكثر من تريليون دولار من احتياطيات الذهب تحتفظ بها أمريكا خلف جدران “فورت نوكس”؛ رمز الأمان والثقة للنظام المالي الأمريكي.
القصة بدأت بعد الحرب العالمية الثانية عندما تدفَّق الذهب من أوروبا نحو الولايات المتحدة، وامتلكت واشنطن ثُلُثَي ذهب العالم، فارتفعت قيمة الدولار.
عام 1971 أعلن الرئيس الأمريكي نيكسون فكّ ارتباط الدولار بالذهب، وانتقل العالم إلى نظام نقدي جديد. ومن تلك اللحظة، لم يُراجَع مخزون الذهب، ولم يَتِمّ جَرْد مُستقِلّ ولا تدقيق دوليّ ولا شفافية واضحة.
هل يُعْقَل أن أكبر احتياطي ذهب في التاريخ لم يَخْضَع لأيّ مُراجَعة منذ نصف قرن؟ آخر مُراجَعة رسمية كانت عام 1974، وبعدها اكتفت الحكومة الأمريكية بتقارير داخلية، دون مشاركة أيّ طرف خارجي، حتى الكونغرس نفسه مُنِعَ من دخول الخزائن.
القصة واضحة؛ لو تبيَّن أن المخزون أقلّ مما هو مُعلَن ستنهار الثقة بالدولار فورًا، وتضطرب الأسواق العالمية. الدول التي تحتفظ بتريليونات الدولارات كاحتياطيات سوف تتخلَّص منها، والبنوك المركزية ستُعِيد النظر في سياساتها النقدية.
اليوم تُقدَّر قيمة مخزون الذهب في “فورت نوكس” بأكثر من تريليون دولار وفق الأسعار الحالية، لكنَّ هذا التقدير قائم على أرقام قديمة بلا دليل حقيقي. والأسوأ أن هذا الغموض يزداد خطورة مع الأزمات المالية؛ مثل: إغلاق الحكومة الأمريكية، تراجع الثقة بالدولار، صعود العملات الرقمية، والتوترات الإستراتيجية.
في المقابل، الصين تشتري المزيد من الذهب بكميات كبيرة، وروسيا تستبدل الدولار بالذهب، والهند تُراكِم المعدن الأصفر. بينما أمريكا تُصِرّ على امتلاكه بدون إثبات أو دليل.
يبقى هنا السؤال: ماذا لو تم بيع الذهب سرًّا خلال أزمات الثمانينيات والتسعينيات لتمويل الحروب وسد العجز؟ والأخطر: لماذا تُصِرّ واشنطن على امتلاك الذهب، بينما تتحرَّك نحو اقتصاد رقمي بالكامل؟
يبقى “فورت نوكس” رمزًا للثقة الاقتصادية؛ لأن الذهب الضمان الدائم للدول والأفراد. وإذا اهتزت هذه الصورة ستبدأ رحلة البحث عن بدائل. فماذا لو انكشف سِرّ ذهب أمريكا، وظهر أن “فورت نوكس” صندوق فارغ.. فهل سيكون المستقبل للعملات الرقمية بدلًا من الذهب؟