يشهد السوريون في مناطق سيطرة النظام وضعاً اقتصادياً هو الأسوأ. مع تدنّ حاد في مستوى المعيشة والدخل. وتدنّ لمستوى الدخل اقترب معه من قيم قياسية على مستوى العالم. ما ينذر بكارثة إنسانية. لا سيما في ظل عدم وجود أي أفق للحل. وفي ظل تصاعد الملاحقة الأمنية لقمع أي احتجاج.
تراجعت الليرة السورية لمستويات قياسية. فبلغت 15,500 ليرة للدولار الواحد. كما تجاوز معدل الفقر المدقع 90%. ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة. فإن أكثر من 15 مليون سوري بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.
في ظل هذا الواقع المتردي وارتفاع النّقمة الشعبية حتى ضمن المؤيدين للنظام. قامت حكومة النظام برفع الأجور والرواتب بنسبة 100%. ولكن بعد رفع أسعار المازوت بنسبة 185% والبنزين بنسبة 166%. فنسبة ما خسره السوريون من رفع سعر المحروقات يفوق ما كسبوه من زيادة الأجور.
بالطبع زيادة أسعار المحروقات ستؤدي إلى زيادة في أسعار مختلف السلع والخدمات. وهو ما سيزيد من معدل الفقر. فمتوسط أجر الموظف الحكومي بعد الزيادة يبلغ 12 دولاراً شهرياً. وهو ما يؤكد حدة الفقر الذي يعاني منه السوريون.
وفقاً لمؤشر قاسيون بلغ الحد الأدنى لتكلفة معيشة الأسرة المؤلفة من خمسة أفراد في شهر يوليو الفائت 4,1 مليون ليرة سورية. ما يعادل 264 دولاراً. فالحد الأدنى للمعيشة يفوق متوسط الأجور والرواتب بـ 22 ضعفاً.
في ظل تردي الأوضاع المعيشية ظهرت مؤخراً حركة احتجاجية أسمت بنفسها “حركة 10 آب”. وهي جماعة سرية نشرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وقصاصات ورقية تدعو النظام لتنفيذ جملة مطالب. غالبيتها اقتصادي وبعض المطالب السياسية على رأسها إيقاف بيع أملاك الدولة للروس والإيرانيين. ومنحت النظام مهلة زمنية لتنفيذ المطالب قبل الدعوة للخروج عليه.
لمواجهة هذا الاحتجاجات تم تنفيذ حملة اعتقالات واسعة. طالت أعضاء من الحركة ونشطاء آخرين. وذلك في محاولة للترهيب ولقمع أي احتجاج حقيقي قبل تحوله لثورة حقيقية. وغالبية الاعتقالات كانت في مدينة مصياف وجبلة واللاذقية وطرطوس.
في ظل هذا التوتر والتردي المعيشي وانعدام أي أفق للحل واستمرار تراجع الوضع المعيشي. من غير المستبعد أن تشهد مناطق النظام توترات مستمرة قد تصل لحد الإضراب أو العصيان المدني. ما سيقابله النظام بالبطش. مما يعقد المشهد الأمني والمعيشي.
الغريب في الأمر أن غالبية المحتجين على سياسات النظام هم من المؤيدين له. والذين حاربوا إلى جانبه. لكن ذلك لم يشفع لهم. فالبطش بدأ يطالهم عندما طالبوا بتحسين واقعهم المعيشي. وهذا كله يشير إلى مستقبل سياسي غير مستقر للبلاد.