شَارِك المَقَال

تدهورت الليرة السورية بفعل الظروف التي تعصف بالبلاد، وشهد عام 2020م التدهور الأكبر، إذ تدنت من 900 ليرة للدولار الواحد لأكثر من 3,000. ولذلك اتخذت السلطات المحلية في الشمال السوري قراراً باستبدال العملة السورية بنظيرتها التركية. من هنا يبرز السؤال الأهم، ما الآثار الاقتصادية لتداول الليرة التركية في الشمال السوري.


قرار الاستبدال بين المنفعة السورية والتركية

قد يكون الاقتصاد التركي حقق بعض الفوائد من انتشار الليرة التركية في الشمال السوري. إلا أن هذه الفوائد ضئيلة للغاية، فالاقتصاد التركي كبير جدًا مقارنةً بنظيره في الشمال السوري. فتركيا إحدى دول العشرين، كما أن سياستها الاقتصادية تتجه نحو بناء علاقات مع دول كبرى كألمانيا على سبيل المثال والصين وغيرها. لذلك يتضاءل دور اقتصاد الشمال السوري أمام التركي.

يبلغ الناتج المحلي الإجمالي التركي وفقًا لبيانات البنك الدولي 750 مليار دولار. و على الرغم من عدم وجود بيانات رسمية حول ناتج الشمال السوري، ولكن من غير المتوقع أن يتجاوز عدة ملايين من الدولارات. فهو زهيد للغاية أمام التركي ولا مصلحة اقتصادية حقيقية ل تركيا من عقد شراكة معه. فالمصلحة تميل وبشكل كبير لصالح الشمال السوري.

انتشار العملة التركية في الشمال السوري قد يقلل من عرضها في السوق التركي. وهذا ما يدعم قيمة الليرة التركية، ولكن هذا الدعم منخفض للغاية، ويكاد يكون غير محسوس. فصغر حجم اقتصاد الشمال السوري يجعل حاجته لكميات منخفضة من الليرة التركية. ولذلك لا يمكن التعويل عليه لناحية تقليل معروضها.

يساهم انتشار العملة التركية في الشمال السوري بتسهيل عملية انتقال المنتجات التركية إلى هناك وبالتالي يتم دعم التجارة التركية الخارجية. و كما الحال في النقاط السابقة، ولكن في الواقع لا يمكن التعويل على هذا الدعم. فتركيا لديها أسواق خارجية تصدر إليها بضائع بمليارات الدولارات، لذلك لن تعول على سوق يحتاج لبضعة ملايين.

في نهاية المطاف، لا يمكن إغفال الأثر الإيجابي لتداول الليرة التركية على الاقتصاد التركي. إلا أن هذا الأثر ضئيل. بينما الأثر الإيجابي الأكبر كان من نصيب الشمال السوري الذي استفاد من الاستقرار النسبي لليرة التركية وحاليًا من تحسنها. كما استفاد من ناحية سهولة تدفق البضائع من تركيا بما يغطي حاجة السوق المحلي.

شَارِك المَقَال