فاز ترامب في الانتخابات، ويبدو أن أمريكا والعالم أمام تغيُّرات خطيرة، خاصةً أنّ الحزب الجمهوري الذي على رأسه ترامب فاز بالرئاسة وبمجلسي الشيوخ والنواب، ما يعني سيطرةً مطلقةً لترامب وقدرةً عاليةً على اتخاذ القرارات.
ترامب رجل الاقتصاد والصفقات
يعتقد ترامب أن السياسة تخدم الاقتصاد وليس العكس، بمعنى أنه رجل اقتصاد وليس رجل حرب، لكنّ هذا لا يعني أن العالم سيشهد استقراراً في عهده، وبشكلٍ عامّ تُوجد دُوَل مستفيدة من هذا الفوز وأخرى متضرّرة.
روسيا أكبر المستفيدين؛ لكون ترامب لا يرى في موسكو عدواً إستراتيجياً، كما أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا من المتوقع أن يتراجَع، ما يعني تحسُّن الموقع التفاوضي لموسكو. أما بالنسبة للصين فقد تشهد عودة للحرب التجارية مع أمريكا، ما يعني احتمال تراجع النمو الاقتصادي الصيني.
أوروبا قلقة؛ لأن الإدارة الأمريكية الجديدة قد تفرض عليها المزيد من المستحقَّات المالية اللازمة لتمويل الناتو، ما يعني زيادة الضغوط الاقتصادية عليها، إضافةً لقلقها من تغيُّر الموقف الأمريكي من الحرب في أوكرانيا.
وعلى الرغم من أن ترامب طالَب باستهداف المنشآت النووية الإيرانية؛ إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة اتجاهه للحرب، وإنما قد يُعزّز العقوبات الاقتصادية على إيران.
أما دول الشرق الأوسط بشكلٍ عامّ فلا تُعدّ في صلب اهتمام الإدارة الجديدة؛ إلا إذا كان الأمر يتعلّق بأمن إسرائيل.
ترامب وقيادة العالم للمزيد من التوتر
فوز ترامب نَصْرٌ لليمين المتطرّف في العالم، خاصةً في أوروبا، لا سيما في ظل النجاحات السابقة التي حقَّقتها بعض الأحزاب اليمينية الأوروبية، ما يعني تصاعُد النزعة القومية، ما ينعكس على التوترات الجيوسياسية، وربما يقود للمزيد من التصعيد السياسي.
البراغماتية العالية التي يتمتع بها ترامب، وقُدرته على عَقْد الصفقات قد تكون مدخلاً لمعالجة بعض التوترات في العالَم، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط؛ ففي ظل التهديدات المتصاعدة بحرب إقليمية قد يستثمر هذه التوترات لتحقيق مصالح أمريكا وأمن إسرائيل وحلّ الصراع في المنطقة.
من جهة أخرى، فإن آمال ترامب بتعزيز مكانة أمريكا -والتي يُعتقد أن بايدن قد أساء لها- قد تصطدم بالتغيرات الدولية، فالعالَم منذ رئاسة ترامب السابقة قد تغيَّر، والتعددية القطبية فَرَضتها الحرب الروسية الأوكرانية بقوَّة، ما قد يدفع الإدارة الأمريكية الجديدة لمزيدٍ من الصدام مع العالم.