كلّ قرش تدّخره يخسر قيمته ببطء؛ فالتضخُّم ليس مجرد رقم بالأخبار، بل هو السارق الصامت؛ حيث يأكل مُدّخراتك مع الأيام.
المشكلة أن البعض يعتقد أن المَبالغ المالية قيمتها ثابتة، وهذا ليس صحيحًا. فالرقم ثابت، لكنّ القيمة متناقصة، والألف دولار التي كانت تشتري سلعةً ما قبل عدة سنوات؛ لم تَعُد تكفي لشراء السلعة نفسها اليوم.
هذه الخسارة ليست صدفة، بل هي نتيجة طبيعية لنظام مالي عالمي يطبع عملات بلا حدود، ويستدين بلا تفكير، ويزيد الأسعار بشكل مستمر.
بعد أزمة عام 2008، بدأت المؤسسات المالية تُعيد حساباتها؛ فتراجعت قوة الدولار، وضعفت الثقة بالنظام المالي القديم. ووصلت الديون في العالم لمستويات قياسية، وأصبح التضخّم يضرب كلّ الاقتصادات العالمية، حتى القوية منها، وبدأت قِيَم العملات الرقمية في التقلُّب بشكلٍ كبير، أما العملات المحلية فيمكن أن تنهار عند أول صدمة. هذا بالإضافة إلى الحروب التجارية والسياسية التي تزيد التوتر.
من جهة أخرى، يتوقع بنك جولدمان ساكس أن يُواصل الذهب رحلة الصعود، ويتوقع أن يصل السعر إلى 5 آلاف دولار للأونصة بنهاية عام 2026. ومع كلّ أزمة جديدة، يُثبت الذهب أنه الخيار الأفضل، والتراجعات المؤقتة التي تَحْدث في سعر الذهب ليست ضعفًا، بل هي فرص حقيقية للشراء.
وهنا يصبح الذهب هو الملاذ الحقيقي، ليس فقط للدول، بل حتى للأفراد. فإذا أردت أن تحمي مُدّخراتك من التآكل، يجب أن تُوزّع المخاطر. لأن المزج بين الذهب والدولار هو الحلّ الأنسب، مع إعطاء الأولوية للذهب إذا كان الادخار لفترة طويلة.
وعليه، فإذا كانت مدة الادخار أكثر من سنة؛ يمكن ادخار70% من المبلغ في صورة ذهب، والباقي يكون بالدولار، أما إذا كان الادخار لفترة قصيرة عدة أشهر فقط، فيمكن توزيع المبلغ بالتساوي بين الذهب والدولار.
في النهاية، النظام المالي القديم يتفكّك ببطء، والعالم الجديد بدأ يتشكّل على أُسُس مختلفة. والذهب هو الشيء الوحيد الذي يُحافظ على قيمته الحقيقية مع الزمن. أما العملات فترتفع وتنخفض، والأنظمة المالية تتبدَّل، لكنّ الذهب يبقى هو الثابت. وكما يقول الاقتصاد: “الذهب يمرض ولا يموت”.