تعرَّض #لُبنان خلال تاريخه الحَديث لعدَد كبير من التَّفْجيرات والأحْداث الأَمْنيّة التي أثَّرت على واقِعه السِّياسي والاجتِماعيّ والاقتِصاديّ، ويُعتبَر تَفْجير #مِيناء_بَيْروت أمْسِ 4 أغسطس 2020م أكبر هذه التَّفْجيرات وأكثرها ضررًا على الاقتِصاد اللُّبنانيّ المُتعثِّر أساسًا.
لا خِلَافَ على أنّ الخسائِر البَشريّة في هذا التَّفْجير تمثِّل الخَسارة الأكبر لِلُبنان، والتي لم يتَّضح حَجْمها بدِقّة حتى الآن، والتي يتوَّلى تقدير حَجْمها جِهات طِبّية مُتخصِّصة، وفيما يلي سنُحاوِل تَسْليط الضَّوْء على الخسائِر الاقتِصاديّة المُباشِرة وغير المُباشِرة النَّاجِمة عن هذا التَّفْجير
تتمثَّل #الخسائِر_الاقتِصادية جرَّاء الانْفِجار بعِدّة أبْعاد، الأوّل بخَسارة #البِنْية_التَّحْتية في #المَرْفأ والتي تُقدَّر بعِدّة مليارات دولار، وهذا ما تَعجِز #الحُكومة عن تَأْمينه في ظِلّ أَزْمَتها الاقتِصادية، ممّا قد يَدْفعها للاقْتِراض وبالتالي تَعمِيق أَزْمة #الدُّيون_الخارجِيّة.
البُعد الثاني يتمثَّل بالخَسائر التَّشغِيليَّة جرَّاء توقُّف #الِميناء عن العَمَل، فهو الأهَمّ والأَضْخم في #لُبنان، وهو حَلْقة الوَصْل الرّئيسة مع العالَم، ويُدرّ دخْلًا سنويًّا يقدَّر بـ 350 مليون دولار، ستخسرها #الحُكومة في وَقْت أحْوَج ما تكون لهذا الإيراد في ظِلّ الأَزْمة الاقتِصادية الرَّاهِنة
يمُرّ عَبْر #مِيناء_بَيْروت 80% من صادِرات لُبنان، وتساهِم هذه الصادِرات في تأمين القِطع الأجْنبيّ، وبالتالي فستتأثَّر حركة التَّصْدير سلْبًا وسينخفض معها إيراد القِطع الأجْنبيّ مما سيُضْعِف قِيمة #اللِّيرة_اللُّبنانية المُتدَهْوِرة أساسًا، لذلك قد نَشهد في الأيام القادِمة تراجُعًا بقِيمة اللِّيرة
قد يَقُود التُّفْجير #لبنان للدُّخول في أَزْمة سِلَع إستِراتيجِية لا سيّما أنّ التَّفْجير قد أتَى على المخزون الإستِراتيجيّ من #القَمْح والمُقدَّر بـ 145 ألف طن، إضافةً لتَدْمير مَخْزن #الأدوية المُستعْصِية، وهذا ما سيخلُق أَزْمة موادّ أساسيّة، ويَزيد من التزامات #الحُكومة المَالِية لمعالَجة الأَزْمة
نَتيجة التَّراجُع الحادّ في عَملِيّات #الاستِيراد سينخفض عَرْض السِّلَع في السُّوق اللُّبْنانية وبالتالي سوف تزداد أَسْعارها، الأمر الذي سيُضْعِف الحركة التِّجارية الدّاخلِية ويعزِّز الأَزْمة الاقتِصاديّة ويرفع مِن مُعدَّلات #التضخُّم
سبَّب التَّفْجير تَضرُّر الكُتَل السَّكنية في الأحياء المُحِيطة بالمِيناء ممّا أَفْضى لوُجود 300,000 شَخْص بلا مَأْوى، وهذا ما يَفْرض على #الحُكومة_اللُّبنانية تَبِعات مالِيّة جديدة للالتِزام بواجِبها الاجتِماعيّ في تأمين حُلول للمُتَضرِّرين، وكل هذا يُعمِّق من أَزْمة #الحُكومة الاقتِصادية
سبَّب الانفِجار تضرُّر 90% من الفَنادِق الكُبْرى في #بَيْروت، الأَمْر الذي سيُلقِي بظِلاله على #السِّياحة في #لُبْنان وبالتالي تراجُع الإيرادات السِّياحيّة والتي تُقدَّر بـ 7 مليار دولار، وبالتّالي سيُعزِّز على المدى المتوسط الأَزْمة الاقتِصادية ويَزيد من ضَعْف #اللِّيرة_اللبنانية
ستَنقُل #الحكومة حركة الاستيراد والتِّصدِير إلى #مِيناء_طَرابُلس، إلا أنّه غير مُجهَّز لاستقبال كَمّيات كبيرة من #السِّلَع، ممّا سيُبطِئ حرَكة الاستِيراد والتَّصْدير، ناهيك عن افتِقاره لمخازِن وصوامِع لتَخْزين #القَمْح والسِّلَع الأخرى، الأمر الذي سوف يرفع تَكْلِفة #الاستِيراد نتيجة تكالِيف #النَّقْل إلى المخازِن البَعِيدة
يمثِّل الموقِع الجُغْرافيّ لِميناء بَيْروت مِيزَة تِجاريّة كونه يقَع في مُنتصَف #لُبنان، وهذا ما يَفتقِده #مِيناء_طَرابُلس الواقِع في الشَّمال، وبالتالي ستزداد تَكْلفة الاستِيراد والتَّصْدير لا سيّما أنّ مُعظَم شرِكات الاستِيراد والتَّصدير تَعمَل في #بَيْروت، وبالتالي ستزداد تكالِيف #النَّقْل الدَّاخِلي
ستطال الآثار السَّلْبية للتَّفْجير #النِّظام_السُّوريّ كوْن #لُبنان باتَ المُتَنفَّس الاقتِصاديّ الوحِيد للنِّظام، ونقْل الحرَكة التِّجارية ل #طَرابُلس سوف يحْرِم النِّظام من إمكانِيّة تَأْمين موارِده بسبَب انخِفاض نُفُوذ حُلَفائه اللُّبْنانيين في الشَّمال، وبالتالي ستزداد عُزْلة النِّظام الاقتِصاديّة
سبَّب الانْفِجار ارتفاعًا بأسعار #النَّفْط العالَمِيّة بحُدود 2%، مدفوعًا بالقَلَق العالَميّ من تأثير التَّفْجير على التوتُّرات في المنطقة، لا سيّما في ظِلّ تحوُّل #لبنان لمنطقة تجاذُبات إقلِيميّة، وبالتالي فأيّ حدَث أَمْنيّ أو سِياسيّ من شأْنه تَأْجِيج التوتُّر
ختامًا، قد يكون تفجير #مِيناء_بَيْروت قد تسَبّبَ في مقَتَل المئات من الضحايا والأبرياء -نسألُ الله أن يتَقَبّلهم- لكنّه بلا شكّ سوف يتسَبّبَ في تشريد وخَنْق وتجويع من تبقى من سكان #بيروت، ليضيف لأزماتهم أزمةً جديدة، وليضاعِفَ من عجزهم عن التَصَدّي لأحوال معِيشِيّة باتَت مستحيلة في ظلّ حكومة العَهْد الحالِيّة
حمى الله دمشقَ وحلبَ والموصل وصنعاء وبيروت، وكلّ حواضرنا.