مع انتهاء الشتاء في أوكرانيا والعودة لتجدد المعارك على نطاق واسع تبدو الحرب أمام احتمالات عدة. فالاحتمالات مفتوحة أمام المزيد من التراجع الروسي. أو تمكّن موسكو من قلب الموازين واستعادة الأراضي التي خسرتها في الصيف الفائت. وهو ما يرتبط بمتغيرات الحرب ذاتها وبالمتغيرات الدولية أيضاً.
هناك احتمالات عدة تشي بإمكانية تقدّم أوكرانيا على حساب روسيا. خاصةً في ظل الأداء العسكري الجيد للجيش الأوكراني في الصيف الفائت. وتمكنه من استعادة جزء كبير من الأراضي التي خسرها سابقاً.
من خلال تحسن ظروف الطقس يمكن لكييف استئناف هجومها المعاكس. مستفيدةً من وصول دفعات جديدة من الأسلحة الغربية. على رأسها دبابات أوروبية وأمريكية. وهو ما يعزز القدرة الهجومية للجيش الأوكراني.
تشمل المساعدات التي حصلت عليها أوكرانيا. ويُتوقع استغلالها في هجوم الصيف. دبابات ألمانية من طراز ليوبارد 2. ودفعات أخرى من بولندا وكندا والنرويج. ودبابات تشالنجر البريطانية. مع توقعات بوصول دبابات ليوبارد S2 هذا الشهر لكتيبتين. وحصول 7 كتائب أوكرانية على دبابات ليوبارد 1.
بالإضافة إلى تزويد أوكرانيا بدبابات أبرامز الأمريكية وأخرى فرنسية خفيفة. إلى جانب تدريب جنود أوكرانيين على استخدامها. علاوةً على إمدادات الذخيرة. بما في ذلك ذخيرة مدافع الهاوتزر والأسلحة المضادة للدبابات ومليون طلقة من ذخيرة المدفعية.
في هجومها المضاد المتوقع هذا الصيف تسعى القوات الأوكرانية لاختراق الممر البري بين روسيا وشبه جزيرة القرم. والانتقال من مدينة زابوريزهزهيا نحو ميليتوبول وبحر آزوف. وهذا يعني إحداث ثغرة كبيرة في صفوف الروس وقطع خطوط الإمداد عن الوحدات الموجودة في الغرب.
على الجانب الآخر يمكن أن يحمل الصيف استعادة موسكو زمام المبادرة في الحرب. وإعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها مؤخراً. هذا الاحتمال تدعمه المرونة العالية التي أبدتها موسكو في مجال التسليح. فعلى الرغم من العقوبات تمكنت مصانع السلاح في روسيا من العمل بفاعلية. وهو ما حافظ على التفوق اللوجستي الروسي.
تسعى موسكو لاستغلال التغيرات الدولية لصالحها. فهي تعتقد أن الضغوط الاقتصادية التي يواجهها الغرب قد لا تسمح له باستمرار تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا. خاصةً أنه وفي حال نجاح الروس باستعادة زمام المبادرة. قد يقوم الغرب بإعادة تقييم لفاعلية تقديم الدعم لأوكرانيا.
كما أن المناخ الشعبي الأمريكي المؤيد لدعم أوكرانيا بدأ بالتراجع. فالدعم الأمريكي تجاوز 20 مليار دولار. ويعتقد جزء من الشعب الأمريكي أن هذا الدعم يتم تحميله لدافعي الضرائب. وهو ما أثر على القبول الشعبي الأمريكي للمساعدات لأوكرانيا.
إضافةً إلى ذلك فإن المرشحين المحتملين للرئاسة الأمريكية في انتخابات عام 2024م وعلى رأسهم دونالد ترامب. يلمّحون باستمرار إلى جدوى الدعم الأمريكي لأوكرانيا. وهو ما يشكّل ضغطاً على إدارة بايدن. ويدفعها لعدم التوسع في تقديم الدعم العسكري.
خلال الأشهر القليلة القادمة قد تسبّب مجريات الحرب تغيراً واضحاً. إما لناحية نضج الظروف الداعمة لاتفاق سلام برعاية دولية. أو نحو تصعيد للحرب. وانتقالها لمرحلة أوسع. وهو ما ستحدده ظروف الحرب في الصيف المقبل.